وفيها توفّى سعيد بن أبى سعيد أبو القاسم الجنّابىّ القرمطىّ الهجرىّ، عليه وعلى أقاربه اللعنة والخزى. ولم يبق من أولاد أبى سعيد غيره وغير أخيه يوسف، وقام بأمر القرامطة بعده مكانه أخوه يوسف المذكور. وعقد القرامطة بعد يوسف لستة نفر من أولادهم على وجه الشركة بينهم لا يستبدّ أحد منهم بشىء دون الآخر.
قلت: وهذا يدلّ على قطع أثرهم واضمحلال أمرهم وزوال ملكهم، إلى جهنم وبئس المصير؛ فإنّهم كانوا أشرّ خلق الله وأقبحهم سيرة وأظلمهم سطوة، هذا مع الفسق وقلّة الدين وسفك الدماء وانتهاك المحارم، وقتل الأشراف وأخذ الحجّاج ونهبهم، والاستخفاف بأمر الشرع والسنة وهتك حرمة البيت العتيق واقتلاع الحجر الأسود منه؛ حسب ما تقدّم ذكر ذلك كله في حوادث السنين «١» السابقة. وقد طال أمرهم وقاسى المسلمون منهم شدائد؛ وخرّب في أيّامهم ممالك وبلاد. ألا لعنة الله على الظالمين.
وفيها توفّى علىّ بن إسحاق بن خلف أبو القاسم «٢» الزاهى الشاعر البغدادىّ، كان وصّافا محسنا كثير الملح حسن الشعر في التشبيهات، وكان قطّانا، وكانت دكّانه في قطيعة الربيع «٣» الحاجب. ومن شعره وأجاد إلى الغاية من قصيدة: