خلق مثل عدد الرمل ثمّ جهّز جيشا وغزوا، فهزموا الروم وقتلوا منهم مقتلة عظيمة وأسروا أميرهم وجماعة من بطارقته، وأنفذت رءوس القتلى إلى بغداد؛ وفرح المسلمون بنصر الله تعالى.
وفيها في شهر رمضان دخل المعزّ لدين الله أبو تميم معدّ العبيدى إلى مصر بعد أن بنيت له القاهرة ومعه توابيت آبائه، وكان قد مهّد له ملك الديار المصرية مولاه جوهر القائد، وبنى له القاهرة وأقام له بها دار الإمارة والقصر «١» .
وفيها وزر ببغداد أبو طاهر بن بقيّة ولقّب بالناصح، وكان سمحا كريما، له راتب كلّ يوم من الثلج ألف رطل، وراتبه من الشّمع في كلّ شهر ألف منّ؛ وكان أبو طاهر من صغار الكتّاب يكتب على المطبخ لمعزّ الدولة؛ فآل الأمر إلى الوزارة.
فقال الناس: من الغضارة إلى الوزارة! وكان كريما فغطّى كرمه عيوبه.
وفيها زلزلت بلاد الشام وهدمت الحصون ووقع من أبراج أنطاكية عدّة، ومات تحت الردم خلق كثير.
وفيها حجّ بالناس النقيب أبو أحمد الموسوىّ. وفيها ضاق الأمر على عزّ الدولة بختيار بن بويه، فبعث إلى الخليفة وطلب إسعافه على قتال الروم؛ فباع الخليفة المطيع ثيابه وأنقاض داره من ساج ورصاص، وجمع من ذلك أربعمائة ألف درهم وبعث بها إليه.