وفيها توفّى السّرىّ بن أحمد بن السّرىّ أبو الحسن الكندىّ الرفّاء الشاعر المشهور، كان في صباه يرفو ويطرّز في دكّان بالموصل ومع ذلك يتولّع [بالأدب وينظم الشعر «١» ] ، ولم يزل على ذلك حتى جاد شعره ومهر فيه؛ وقصد سيف الدولة ابن حمدان بحلب ومدحه وأقام عنده [مدّة «٢» ] ، ثمّ بعد وفاته قدم بغداد ومدح الوزير المهلبىّ وغيره، وكان بينه وبين أبى بكر محمد وأبى عثمان سعيد ابنى هاشم الخالديّين الموصليّين الشاعرين المشهورين معاداة، فادّعى عليهما سرقة شعره وشعر غيره.
وكان شاعرا مطبوعا عذب الألفاظ، كثير الافتنان في التشبيهات والأوصاف؛ وكان لا يحسن من العلوم شيئا غير قول الشعر. ومن شعره [أبيات «٣» ] يذكر فيها صناعته:
وكانت الإبرة فيما مضى ... صائنة وجهى وأشعارى
فأصبح الرزق بها ضيّقا ... كأنّه من ثقبها جارى
ومن محاسن شعره في المديح:
يلقى الندى برقيق وجه مسفر ... فإذا التقى الجمعان عاد صفيقا
رحب المنازل ما أقام فإن سرى ... فى جحفل ترك الفضاء مضيقا
ومن غرر شعره في النسيب قوله وهو في غاية الحسن:
بنفسى من أجود له بنفسى ... ويبخل بالتحية والسلام
وحتفى كامن في مقلتيه ... كمون الموت في حدّ الجسام
وفيها توفّى محمد بن هانئ أبو القاسم، وقيل: أبو الحسن، الأزدىّ الأندلسىّ الشاعر المشهور؛ قيل: إنّه من ولد يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلّب بن أبى صفرة؛ وقيل: بل هو من ولد أخيه روح بن حاتم. وكان أبوه هانئ من قرية