من قرى المهديّة بإفريقيّة. وكان شاعرا أديبا، كان ماهرا في الأدب، حافظا لأشعار العرب وأخبارهم، واتّصل بصاحب إشبيلية وحظى عنده؛ وكان كثير الانهماك في اللذات متّهما بمذهب الفلاسفة؛ ولمّا اشتهر عنه ذلك نقم عليه أهل إشبيلية، واتّهم الملك بمذهبه، فأشار عليه الملك بالغيبة عن البلد مدّة [ينسى «١» فيها خبره] ؛ فانفصل وعمره يومئذ سبع وعشرون سنة. وقصّته طويلة إلى أن قتل ببرقة في عوده إلى المغرب من مصر بعد أن مدح المعزّ العبيدىّ بغرر المدائح «٢» . وكان عوده إلى المغرب لأخذ عياله وعوده بهم إلى مصر. وتأسّف المعزّ عليه كثيرا. ومن شعره قصيدته النونيّة في مدح المعزّ لدين الله المذكور، منها:
بيض وما ضحك الصباح وإنّها ... بالمسك من طرر الحسان لجون
أدمى لها المرجان صفحة خدّه ... وبكى عليها اللؤلؤ المكنون
وكان ابن هانئ هذا في المغرب مثل المتنبىّ في المشرق، وكان موته في شهر رجب. وهو صاحب القصيدة المشهورة التى أوّلها:
فتقت لكم ريح الشّمال عبيرا وفيها توفّى الوزير عبّاس بن الحسين أبو الفضل الشيرازىّ، كان جبّارا ظالما، قتل بالكوفة بسقى الذّراريح «٣» ، ودفن بمشهد علىّ عليه السلام. وممّا يحكى عن ظلمه أنّه قتل ببغداد رجل من أعوان الوالى، فبعث أبو الفضل الشيرازىّ هذا من طرح النار من النحّاسين الى السمّاكين، فاحترق ببغداد حريق عظيم لم يعهد مثله، وأحرقت أموال عظيمة وجماعة كثيرة من النساء والرجال والصبيان والأطفال، فأحصى