الأرض ويتوارى فيه إلى حين جواز الوقت؛ فعمل [على «١» ] ذلك، وأحضر قوّاده وكتّابه وقال لهم: إن بينى وبين الله عهدا في وعد وعدنيه و [قد «٢» ] قرب أوانه، وقد جعلت نزارا ولدى ولىّ عهدى بعدى، ولقّبته العزيز بالله، واستخلفته عليكم وعلى تدبير أموركم مدّة «٣» غيبتى، فالزموا الطاعة له واتركوا المخالفة واسلكوا الطريق السديدة «٤» ؛ فقالوا: الأمر أمرك، ونحن عبيدك وخدمك؛ ووصّى العزيز ولده بما أراد، وجعل القائد جوهرا مدبّره والقائم بأمره بين يديه؛ ثم نزل إلى سرداب اتخذه وأقام فيه سنة؛ وكانت المغاربة إذا راوا غماما سائرا ترجّل الفارس منهم إلى الأرض، وأومأ بالسلام يشير [إلى] أن المعزّ فيه؛ ثمّ خرج المعزّ بعد ذلك وجلس للناس، فدخلوا عليه على طبقاتهم ودعوا له، فأقام على ما كان عليه» . انتهى.
وقيل: إنّه دخل مصر ومعه خمسمائة جمل موسوقة ذهبا عينا وأشياء كثيرة غير ذلك.
وقال القفطىّ:«إنّ المعزّ كان قد عزم على تجهيز عسكر إلى مصر؛ فسألته أمّه تأخير ذلك لتحجّ خفية، فأجابها وحجّت. فلمّا وصلت إلى مصر أحسّ بها كافور الإخشيذىّ الأستاذ فحضر إليها وخدمها وحمل إليها هدايا وبعث في خدمتها أجنادا، فلمّا رجعت من حجّها منعت ولدها من غزو بلاده. فلمّا توفّى كافور بعث المعزّ جيوشه فأخذوا مصر» . انتهى.
ولمّا أرسل المعزّ القائد جوهرا إلى مصر وفتحها وبلغه ذلك سار بنفسه إلى المهديّة في الشتاء فأخرج من قصور آبائه من الأموال خمسمائة حمل، ثم سار نحو الديار المصريّة بعد أن مهّد له جوهر القائد وبنى له القاهرة. وكان صادف مجىء