جوهر إلى مصر الغلاء والوباء، فلم يلتفت إلى ذلك وافتتحها؛ ثم افتتح الحجاز «١» والشام، وأرسل يعرّف المعزّ. وقد ذكرنا شيئا من ذلك في ترجمة جوهر القائد.
وخرج المعزّ من المغرب في سنة إحدى وستين وثلثمائة بعد أن استخلف على إفريقيّة [يوسف «٢» ] بلكّين بن زيرى الصّنهاجى، وجدّ المعزّ في السير في خزائنه وجيوشه حتى دخل الإسكندريّة في شعبان سنة اثنتين وستين وثلثمائة؛ فتلقّاه قاضى مصر أبو طاهر «٣» الذّهلى والأعيان، وطال حديثهم معه، وأعملهم بأنّ قصده القصد المبارك من إقامة الجهاد والحقّ وأن يختم عمره بالأعمال الصالحة، وأن يعمل بما أمره به جدّه رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ووعظهم وطوّل حتى أبكى بعضهم وخلع على جماعة. ثمّ نزل بالجيزة وأخذ جيشه في التعدية إلى مصر ثمّ ركب هو ودخل القاهرة؛ وقد بنيت له بها دور الإمارة، ولم يدخل مدينة مصر، وكانوا قد احتفلوا وزيّنوا مصر بأحسن زينة. فلمّا دخل القصر خرّ ساجدا وصلّى ركعتين.
وقال عبد الجبّار البصرىّ:«وكان السبب في مجيئه إلى مصر؛ أنّ الرّوم كانوا قد استولوا على الشام والثغور وطرسوس وأنطاكية وأذنة [وعين «٤» زربة] والمصّيصة وغيرها وفرح بمصاب المسلمين؛ وبلغه أن بنى بويه قد غلبوا على بنى العباس وأنهم لا حكم لهم معهم؛ فاشتدّ طمعه في البلاد؛ وكان له بمصر شيعة فكاتبوه يقولون: إذا زال الحجر الأسود ملك مولانا المعزّ الدنيا كلّها، ويعنون بالحجر الأسود الأستاذ كافورا الإخشيذىّ الخصىّ، وكان كافور يومئذ أمير مصر