للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشيخ شمس الدين في تاريخه مرآة الزمان: «رأيت في بعض التواريخ بمصر أنّ رجلا يعرف بالدّرزىّ «١» قدم مصر، وكان من الباطنيّة القائلين بالتناسخ؛ فاجتمع بالحاكم وساعده على ادّعاء الربوبيّة وصنّف له كتابا ذكر فيه أنّ روح آدم عليه السلام انتقلت إلى علىّ بن أبى طالب، وأن روح علىّ انتقلت الى أبى الحاكم، ثمّ انتقلت إلى الحاكم. فنفق «٢» على الحاكم وقرّبه وفوّض الأمور إليه، وبلغ منه أعلى المراتب، بحيث إنّ الوزراء والقوّاد والعلماء «٣» كانوا يقفون على بابه ولا ينقضى لهم شغل إلّا على يده. وكان قصد الحاكم الانقياد الى الدرزى المذكور فيطيعونه.

فأظهر الدّرزىّ الكتاب الذي فعله وقرأه بجامع القاهرة؛ فثار الناس عليه وقصدوا قتله، فهرب منهم؛ وأنكر الحاكم أمره خوفا من الرعيّة، وبعث إليه في السرّ مالا، وقال: اخرج إلى الشام وانشر الدعوة في الجبال، فإنّ أهلها سريعو الانقياد.

فخرج الى الشام، ونزل بوادى تيم الله بن ثعلبة، غربىّ دمشق من أعمال بانياس «٤» ، فقرأ الكتاب على أهله، واستمالهم إلى الحاكم وأعطاهم المال، وقرّر في نفوسهم الدّرزىّ التناسخ، وأباح لهم شرب الخمر والزناء وأخذ مال من خالفهم في عقائدهم وإباحة دمه؛ وأقام عندهم يبيح [لهم «٥» ] المحظورات إلى أن انتهى «٦» » .

وقال الذهبىّ: «وكان يحبّ العزلة- يعنى الحاكم- ويركب على بهيمة وحده في الأسواق، ويقيم الحسبة بنفسه، وكان خبيث الاعتقاد، مضطرب العقل.

يقال: إنّه أراد أن يدّعى الإلهية وشرع في ذلك؛ فكلّمه أعيان دولته وخوّفوه،