فى اليوم السابع ألبست أبا الحسن علىّ بن الحاكم أفخر الملابس واستدعت ابن دوّاس وقالت له: المعوّل في قيام هذه الدولة عليك، وتدبيرها موكل إليك، وهذا الصبىّ ولدك، فابذل في خدمته وسعك؛ فقبّل الأرض ووعدها بالطاعة. ووضعت التاج على رأس الصبىّ، وهو تاج عظيم فيه من الجواهر مالا يوجد في خزانة خليفة، وهو تاج المعزّ جدّ أبيه، وأركبته مركبا من مراكب الخليفة، وخرج بين يديه الوزير وأرباب الدولة. فلمّا صار إلى باب القصر صاح خطير الملك الوزير: يا عبيد الدولة، مولاتنا السيدة تقول لكم هذا مولاكم فسلّموا عليه؛ فقبّلوا الأرض بأجمعهم، وارتفعت الأصوات بالتكبير والتهليل، ولقّبوه الظاهر لإعزاز دين الله، وأقبل الناس أفواجا فبايعوه، وأطلق المال وفرح الناس وأقيم العزاء على الحاكم ثلاثة أيّام.
وقال القضاعىّ في قتله وجها آخر، قال: «خرج الحاكم إلى الجبل المعروف بالمقطم ليلة الاثنين السابع والعشرين من شوّال هذه السنة (يعنى سنة إحدى عشرة وأربعمائة) فطاف ليلته كلّها، وأصبح عند قبر الفقّاعىّ، ثمّ توجه شرقىّ حلوان: موضع بالمقطم، ومعه ركابيّان؛ فردّ أحدهما مع تسعة نفر من العرب، كانت لهم رسوم، ويقال لهم السّويديّون، إلى بيت المال وأمر لهم بجائزة، ثمّ عاد الرّكابىّ الآخر؛ وذكر أنّه فارقه عند قبر الفقّاعىّ والقصبة «١» ، وأصبح الناس على وسمهم؛ فخرجوا ومعهم الموكب «٢» والقضاة والأشراف والقوّاد فأقاموا عند الجبل إلى آخر النهار، ثمّ رجعوا إلى القاهرة ثمّ عادوا؛ ففعلوا ذلك ثلاثة أيام. فلمّا كان يوم الخميس سلخ شوّال خرج مظفّر صاحب المظلّة ونسيم صاحب السّتر و [ابن «٣» ]