يأمرهم بقتله، فبعثت بهم ستّ الملك إلى ابن دوّاس ليكونوا في خدمته، فجاءوا فى هذا اليوم ووقفوا بين يديه، فقالت ستّ الملك لنسيم صاحب السّتر: اخرج قف بين يدى ابن دوّاس، وقل للعبيد: يا عبيد، مولاتنا تقول لكم هذا قاتل مولانا الحاكم فاقتلوه، فخرج نسيم فقال لهم ذلك فمالوا على ابن دوّاس بالسيوف فقطّعوه، وقتلوا العبدين اللذين قتلا الحاكم؛ وكلّ من اطلع على سرّها قتلته، فقامت لها الهيبة فى قلوب الناس» . انتهى كلام القضاعى.
وقال ابن الصابئ: لما قتلت ستّ الملك ابن دوّاس قتلت الوزير الخطير ومن كانت تخاف منه ممّن عرف بأمرها.
وأمّا ما خلّفه الحاكم من المال فشىء كثير. قيل: إنّه ورد عليه أيّام خلافته رسول ملك الرّوم، فأمر الحاكم بزينة القصر. قالت السّيدة رشيدة عمّة الحاكم:
فأخرج أعدالا مكتوبا على بعضها: الحادى والثلاثون والثلاثمائة، وكان في الأعدال الديباج المغرّز بالذهب، فأخرج ذلك وفرش الإيوان وعلّق في حيطانه حتّى صار الإيوان يتلألأ بالذّهب، وعلّق في صدره العسجدة، وهى درقة من ذهب مكلّلة بفاخر الجوهر يضيء لها ما حولها، إذا وقعت عليها الشمس لا تطبق العيون النظر إليها. وأيضا ممّا يدلّ على كثرة ماله ما خلّفته ابنته ستّ مصر بعد موتها، فخلّفت شيئا كثيرا يطول الشرح في ذكره، من ذلك ثمانية آلاف جارية- قاله المقريزى وغيره- ونيّف وثمانون زيرا صينيّا مملوءة «١» جميعا مسكا؛ ووجد لها جوهر نفيس، من جملته قطعة ياقوت زنتها عشرة مثاقيل. وكان إقطاعها في السنة خمسين ألف دينار، وكانت مع ذلك كريمة سمحة، والشيء بالشيء يذكر.