وماتت في أيّام الحاكم عمّته السيدة رشيدة بنت المعزّ؛ فخلّفت ما قيمته ألف ألف وسبعمائة ألف دينار؛ ومن جملة ما وجد لها في خزائن كسوتها ثلاثون ألف ثوب خزّ، واثنا عشر ألفا من للثياب المصمتة ألوانا «١» ، ومائة قطرميز «٢» مملوءة كافورا، وكانت مع ذلك ديّنة تأكل من غزلها لا من مال السلطان. وماتت أختها عبدة بنت المعزّ بعدها بثلاثة أيّام، وكانتا قد ولدتا برقّادة من عمل القيروان.
وتركت أيضا عبدة المذكورة مالا يحصى، من ذلك: أنّه ختم على موجودها بأربعين رطل شمع مصريّة «٣» ؛ ومن جملة «٤» ما وجد لها ألف وثلثمائة [قطعة «٥» ] مينا فضة، زنة كلّ مينا عشرة آلاف درهم، وأربعمائة سيف محلّى بذهب، وثلاثون ألف شقّة صقليّة، ومن الجوهر «٦» اردبّ زمرّد؛ وكانت لا تأكل عمرها إلّا الثريد. وقد خرجنا عن المقصود ونعود إلى ما يتعلق بالحاكم وأسبابه.
وأمّا ولىّ العهد الذي كان بدمشق وكتبت بحضوره فاسمه الياس، وقيل:
عبد الرّحيم، وقيل: عبد الرّحمن بن أحمد؛ وكنيته أبو القاسم ويلقّب بالمهدىّ، ولّاه الحاكم العهد سنة أربع وأربعمائة. وقد قدّمنا من ذكره أنه كان وصل إلى تنّيس، وقبض عليه صاحب تنّيس، وبعث به إلى ستّ الملك، فحبسته في دار وأقامت له الإقامات، ووكلت بخدمته خواصّ خدمها، وواصلته بالملاطفات والافتقادات فلمّا مرضت ويئست من نفسها أحضرت الظاهر لإعزاز دين الله (أعنى ابن