أخيها الحاكم) وقالت له: قد علمت ما عاملتك به، وأقلّه حراسة نفسك من أبيك، فإنّه لو تمكّن منك لقتلك، وما تركت لك أحدا تخافه إلّا ولىّ العهد؛ فبكى بين يديها هو ووالدته؛ وسلّمت إليهما مفاتيح الخزائن، وأوصتهما بما أرادت.
وقالت لمعضاد الخادم: امض إلى ولىّ العهد وتفقّد خدمته، فإذا دخلت عليه فانكبّ كأنّك تسائله بعد أن توافق الخدم على ضربه بالسكاكين؛ فمضى إليه معضاد فقتله ودفنه وعاد فأخبرها، فأقامت بعد ذلك ثلاثة أيام وماتت. وتولّى أمر الدولة معضاد الخادم المذكور ورجل آخر علوىّ من أهل قزوين وآخرون.
وذكر القضاعىّ في قصّة ولىّ العهد شيئا غير ذلك، قال: إن ستّ الملك لمّا كتبت إلى دمشق بحمل ولىّ العهد إلى مصر لم يلتفت إلى ذلك؛ واستولى على دمشق، ورخّص للناس ما كان الحاكم حظره عليهم من شرب الخمر، وسماع الملاهى، فأحبّه أهل دمشق. وكان بخيلا ظالما، فشرع في جمع المال ومصادرة الناس، فأبغضه الجند وأهل البلد. فكتبت أخت الحاكم إلى الجند فتتبّعوه حتّى مسكوه وبعثوا به مقيّدا إلى مصر، فحبس في القصر مكرما، فأقام مدّة. وحمل إليه يوما بطّيخ ومعه سكّين فأدخلها «١» فى سرّته حتى غابت. وبلغ ابن عمّه الظاهر بن الحاكم فبعث إليه القضاة والشهود؛ فلمّا دخلوا عليه اعترف أنّه الذي فعل ذلك بنفسه. وحضر الطبيب فوجد طرف السكين ظاهرا، فقال لهم: لم تصادف مقتلا. فلمّا سمع ولىّ العهد ذلك وضع يده عليها، فغيّبها في جوفه فمات.
وقال ابن الصابئ: «وكان على حلب عند هلاك الحاكم عزيز الدولة فاتك الوحيدىّ، وقد استفحل أمره وعظم شأنه وحدّث نفسه بالعصيان؛ فلاطفته