للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يواصله؛ ثم جهّز الحاكم إلى حرب أبى ركوة قائدا من الأتراك يقال له ينّال الطويل، وأرسل معه خمسة آلاف فارس- وكان معظم جيش ينّال [من] كتامه، وكانت مستوحشة من ينال فإنه قتل كبار كتامة بأمر الحاكم- فتوجّه ينّال وواقع أبا ركوة فهزمه أبو ركوة وأخذه أسيرا، وقال له: العن الحاكم، فبصق في وجه أبى ركوة؛ فأمر أبو ركوة به فقطّع إربا إربا. وأخذ أبو ركوة مائة ألف دينار كانت مع ينال وجميع ما كان معه، فقوى أمره أكثر ما كان. واشتدّ الأمر على الحاكم أكثر وأكثر بكسر ينال؛ وبعث إلى الشام واستدعى الغلمان الحمدانيّة والقبائل وأنفق عليهم الأموال وجهّزهم، وجعل عليهم الفضل بن عبد الله؛ فطرقهم أبو ركوة وكسرهم وساق خلفهم حتّى نزل عند الهرمين بالجيزة؛ وغلّق الحاكم أبواب القاهرة؛ ثمّ عاد أبو ركوة إلى عسكره. فندب الحاكم العساكر ثانيا، فسار بهم الفضل في جيوش كثيرة، والتقى مع أبى ركوة فهزمه وقتل من عسكره نحو ثلاثين ألفا. ثم ظفر الفضل بأبى ركوة وسار به مكرما إلى الحاكم. وسبب إكرامه له خوفه عليه من أن يقتل نفسه، وقصد الفضل أن يأتى به الحاكم حيّا. فأمر الحاكم أن يشهّر أبو ركوة على جمل ويطاف به. وكانت القاهرة قد زيّنت أحسن زينة، وكان بها شيخ يقال له الأبزارىّ، إذا خرج خارجىّ صنع له طرطورا وعمل فيه ألوان الخرق المصبوغة وأخذ قردا ويجعل في يده درّة ويعلّمه [أن] يضرب بها الخارجىّ من ورائه، ويعطى مائة دينار وعشر قطع قماش. فلمّا قطع أبو ركوة الجيزة أمر به الحاكم، فأركب جملا بسنامين وألبس الطّرّطور وأركب الأبزارىّ خلفه والقرد بيده الدّرّة وهو يضربه والعساكر حوله، وبين يديه خمسة عشر فيلا مزيّنة؛ ودخل القاهرة على هذا الوصف ورءوس أصحابه بين يديه على الخشب والقصب؛ وجلس الحاكم فى منظرة على باب الذهب، والترك والديلم عليهم السلاح وبأيديهم اللّتوت وتحتهم