فلما قرأ كتابه معاوية لم يره إلا مباعداً مفارقاً فلم يأمن مكره ومكيدته، فكتب إليه ثانياً:
«أما بعد، فقد قرأت كتابك فلم أرك تدنو فأعدك سلماً، ولم أرك مباعداً فأعدك حرباً، وليس مثلي من يخدع وبيده أعنة الخيل ومعه أعداد الرجال والسلام» .
فلما قرأ قيس كتابه ورأى أنه لا يقبل منه المدافعة والمماطلة أظهر له ما في نفسه، وكتب إليه:
«أما بعد، فالعجب من اغترارك بي يا معاوية وطمعك في تسومني الخروج عن طاعة أولى الناس بالإمرة، وأقربهم بالخلافة، وأقولهم بالحق، وأهداهم سبيلاً، وأقربهم إلى رسوله وسيلة، وأوفرهم فضيلة، وتأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الأمر، وأقولهم بالزور وأضلهم سبيلاً، وأبعدهم من الله ورسوله [وسيلة «١»
] ولد ضالين مضلين طاغوت «٢» من طواغيت إبليس، وأما قولك: معك أعنة الخيل وأعداد الرجال لتشتغلن بنفسك حتى العدم.
وقال هشام: ولما رأى معاوية أن قيس بن سعد لا يلين له كاده من قبل علي؛ وكذا روى عبد الله بن أحمد بن حنبل باسناده اهـ.
وقال هشام بن محمد: عن أبي مخنف وجه آخر في حديث قيس بن سعد ومعاوية، قال: لما أيس معاوية من قيس بن سعد شقّ عليه لما يعرف من حزمه وبأسه، فأظهر للناس أن قيساً قد بايعه، واختلق معاوية كتاباً فقرأه على أهل الشأم وفيه: