أما بعد، لما نظرت أنه لا يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم محرماً مسلماً برأ تقيا مستغفرا وإنى معكم على قتله بما أحببتم من الأموال والرجال متى شئتم عجلت إليكم.
قال: فشاع في أهل الشأم أن قيساً قد بايع معاوية وبلغ علياً ذلك فأكبره وأعظمه، فقال له عبد الله بن جعفر: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، اعزل قيساً عن مصر، فقال علي: والله ما أصدق هذا على قيس، ثم عزله وولى الأشتر، وقيل محمد بن أبي بكر الصديق في قول ابن سيرين، فلما عزله عرف قيس أن علياً قد خدع وتوجه إليه وصار معه؛ قال عروة: وكان قيس بن سعد مع علي في مقدّمته ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رءوسهم بعد موت علي، فلما دخل الجيش في بيعة معاوية أبى قيس أن يدخل، وقال لأصحابه: ما شئتم، إن شئتم جالدت بكم أبداً حتى يموت الأعجل، وإن شئتم أخذت لكم أماناً، قالوا: خذ لنا ففعل؛ فلما ارتحل نحو المدينة جعل ينحر كل يوم جزوراً. قال الواقدي وغيره: إنه توفي في آخر خلافة معاوية رضي الله عنهم أجمعين.
السنة التي حكم في بعضها قيس بن سعد بن عبادة على مصر وهي سنة ست وثلاثين- فيها كانت وقعة الجمل بين علي رضي الله عنه وبين عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ومعها طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وغيرهما، وكانت فيها مقتلةً عظيمة قتل فيها عدة من الصحابة وغيرهم؛ قال البلاذري: التقوا بمكان يقال له «الخريبة» في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين اهـ.
قلت: وممن قتل في هذه الوقعة طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب ابن سعد بن تيم بن مرة التيمي، أحد السابقين الأولين، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى بعد موت عمر بن الخطاب قتله مروان بن الحكم