للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوجأه بخنجر واحتوشه «١» الناس فقتلوه، وقطّعوه وأحرقوه بالنار، وثارت الفتنة؛ فكان الظاهر من القتلى أكثر من عشرين غير ما أخفى منهم. وتقشّر بعض وجه الحجر فى وسطه من تلك الضربات وتخشّن. وزعم بعض الحجّاج أنه سقط منه ثلاث قطع، وكأنه نقب ثلاثة نقوب، وتساقطت منه شظايا مثل الأظفار؛ وموضع الكسر أسمر يضرب إلى صفرة، محبّب مثل الخشخاش. فجمع بنو شيبة ما تفرّق منه وعجنوه بالمسك، وحشوا تلك المواضع وطلوها بطلاء من اللّك «٢» فهو بيّن لمن تأمّله، وهو على حاله الى اليوم» . انتهى.

ثم بعد هذه الواقعة بلغ الظاهر هذا أنّ السلطان يمين الدولة محمود بن سبكتكين عظم أمره، فأحبّ أن يكتب إليه كتابا يدعوه إلى طاعته؛ فكتب إليه وارسل إليه بالخلع، وأن يخطب باسمه بتلك البلاد. وكان أبوه الحاكم بأمر الله أرسل إليه قبل ذلك، فخرق محمود بن سبكتكين كتاب الحاكم وبصق فيه؛ ومات الحاكم وفي قلبه من ذلك أمور، وقد ذكرنا ذلك في ترجمته. فلما علم الظاهر هذا بما كان والده الحاكم عزم عليه من أمر محمود المذكور أخذ هو أيضا في ذلك، وكاتب السلطان محمودا؛ فلم يلتفت محمود لكتابه، وبعث به وبالخلع الى الخليفة القادر العباسىّ، وتبرأ من الظاهر هذا. فجمع القادر القضاة والأشراف والجند وغيرهم ببغداد، وأخرج الخلع الى باب النوبىّ، وكانت سبع جبب وفرجّية ومركب ذهب، وأضرمت النار وألقيت الثياب فيها، وسبك المركب الذهب، فظهر منه أربعون ألف دينار وخمسائة، وقيل: أخرج منه دراهم هذا العدد؛ فتصدّق بها الخليفة القادر على ضعفاء بنى هاشم.

وبلغ الظاهر فقامت قيامته، وانكف عن مكاتبة محمود بعدها.