لصاحب مصر- أعنى المستنصر- سوىّ ثلاثة أفراس بعد أن كانت عشرة آلاف ما بين فرس وجمل ودابّة. وبيع الكلب بخمسة دنانير، والسّنّور بثلاثة دنانير.
ونزل الوزير أبو المكارم «١» وزير المستنصر على باب القصر عن بغلته وليس معه إلّا غلام واحد، فجاء ثلاثة وأخذوا البغلة منه، ولم يقدر الغلام على منعهم لضعفه من الجوع فذبحوها وأكلوها، فأخذوا وصلبوا، فأصبح الناس فلم يروا إلّا عظامهم، أكل الناس فى تلك الليلة لحومهم. ودخل رجل الحمّام فقال له الحمّامىّ: من تريد أن يخدمك سعد الدولة أو عزّ الدولة أو فخر الدولة؟ فقال له الرجل: أتهزأ بي! فقال: لا والله، انظر إليهم، فنظر فإذا أعيان الدّولة ورؤساؤها صاروا يخدمون الناس فى الحمّام لكونهم باعوا جميع موجودهم فى الغلاء واحتاجوا إلى الخدمة.
وأعظم من هذا أنّ المستنصر الخليفة صاحب الترجمة باع جميع موجوده وجميع ما كان فى قصره حتّى أخرج ثيابا كانت فى القصر من زمن الطائع الخليفة العباسىّ، لمّا نهب بهاء الدولة دار الخليفة فى إحدى وثمانين وثلثمائة، وأشياء أخر أخذت فى نوبة البساسيرىّ، وكانت هذه الثياب التى لخلفاء بنى العباس عند خلفاء مصر يحتفظون بها لبغضهم لبنى العبّاس، فكانت هذه الثياب عندهم بمصر بسبب المعيرة لبنى العبّاس. فلمّا ضاق الأمر على المستنصر أخرجها وباعها بأبخس «٢» ثمن لشدّة الحاجة. وأخرج المستنصر أيضا طستا وإبريقا بلّورا يسع الإبريق رطلين ماء، والطّست أربعة أرطال، وأظنّه بالبغدادىّ، فبيعا باثنى عشر درهما فلوسا، ثمّ باع المستنصر من هذا البلور ثمانين ألف قطعة. وأمّا ما باع من الجواهر واليواقيت والخسروانىّ «٣» فشىء لا يحصى. وأحصى من الثياب التى أبيعت فى هذا الغلاء من