بلاد الروم، ثم عاد إلى ديار بكر، ثمّ إلى جهة حلب وقصد شمس الملك تكين. فلمّا دخل إليه أتاه أعوانه بوالى قلعة من قلاع شمس الملك، واسم الوالى يوسف الخوارزمى، وقرّبوه إلى سرير السلطان ألب أرسلان، فأمر ألب أرسلان أن يضرب له أربعة أوتاد وتشدّ أطرافه الأربعة إليها. فقال يوسف المذكور للسلطان: يا مخنّث، مثلى يقتل هذه القتلة! فغضب السلطان وأخذ القوس والنّشّاب وقال: خلّوه، فرماه فأخطأه، ولم يكن يخطئ له سهم قبل ذلك، فأسرع يوسف المذكور وهجم على السلطان على السرير، فنهض السلطان ونزل فعثر وخرّ على وجهه؛ فوصل يوسف إليه وبرك عليه وضربه بسكّين فى خاصرته؛ وقتل يوسف فى الحال، وحمل السلطان فمات بعد أيّام يسيرة- وقيل فى يومه- وكان ذلك فى جمادى الآخرة من السنة. وألب أرسلان بفتح الهمزة وسكون اللام وبعدها باء موحدة وبقية الأسم معروف.
وفيها توفّى قاوردبك بن داود بن ميكائيل السّلجوقىّ أخو السلطان ألب أرسلان المقدّم ذكره. ولمّا مات أخوه ألب أرسلان نازع ابن أخيه ملكشاه وقاتله، فظفر به ملكشاه بعد حروب وأسره وأمر بقتله؛ فحنقه رجل أرمنىّ بوترقوس، وتولّى سعد الدولة كوهرائين «١» على قتله، وكان ذلك فى شعبان بهمذان. وأمر قاورد بك المذكور من العجائب؛ فإنّه كان يتمنّى موت ألب أرسلان ويتصوّر أنّه يملك الدنيا بعده، فكان هلاكه مقرونا بهلاكه. قلت: وكذلك كان أمر قتلمش مع أخيه طغرلبك عمّ ألب أرسلان وقاورد بك؛ فإنّه كان ينظر فى النجوم ويتحقّق أنه يملك بعده، وكان هلاكه أيضا مقرونا بهلاكه.