أصبحت وقد أصلحت من دنياي قليلاً، وأفسدت من ديني كثيراً، فلو كان ما أصلحت هو ما أفسدت لفزت، ولو كان ينفعني أن أطلب طلبت، ولو كان ينجيني أن أهرب لهربت، فعظني بموعظة أنتفع بها يا بن أخي؛ فقال: هيهات يا أبا عبد الله! فقال: اللهم إن ابن عباس يقنطني من رحمتك فخذ مني حتى ترضى.
وكانت وفاة عمرو المذكور في ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وأربعين فصلى عليه ابنه ودفنه ثم صلى بالناس صلاة العيد. قاله أبو فراس مولى عبد الله بن عمرو. وقال الليث بن سعد والهيثم بن عدي والواقدي وابن بكير: وسنه نحو مائة سنة. وقال أحمد العجلي وغيره: تسع وتسعون سنة. وقال ابن نمير: توفي سنة اثنتين وأربعين.
قلت: والأول هو المتواتر. وكان عمرو رضي الله عنه من أدهى العرب وأحسنهم رأياً وتدبيراً. قيل: إنه اجتمع مع معاوية بن أبي سفيان مرة فقال له معاوية:
من الناس؟ فقال: أنا وأنت والمغيرة بن شعبة وزياد؛ قال معاوية: كيف ذلك؟ قال عمرو: أما أنت فللتأني؛ وأما أنا فللبديهة؛ وأما المغيرة فللمعضلات؛ وأما زياد فللصغير والكبير؛ قال معاوية: أما ذانك فقد غابا فهات بديهتك يا عمرو؛ قال: وتريد ذلك؟ قال نعم؛ قال: فأخرج من عندك، فأخرجهم معاوية؛ فقال عمرو: يا أمير المؤمنين أسارك، فأدنى معاوية رأسه منه؛ فقال عمرو: هذا من ذاك، من معنا في البيت حتى أسارك! ولما مات عمرو ولي مصر عتبة بن أبي سفيان من قبل أخيه معاوية
*** السنة الأولى من ولاية عمرو بن العاص الثانية على مصر وهي سنة ثمان وثلاثين من الهجرة- فيها توجه عبد الله بن الحضرمي من قبل معاوية إلى البصرة ليأخذها، وكان بها زياد بن أبيه ووقع بينهما أمور. وفيها سارت الخوارج لقتال علىّ