فلمّا رأى ذلك ابن مصال جمع ماله وفرّ إلى الغرب. وكان سبب فرار ابن مصال أنّه رأى فى منامه أنه راكب فرسا وسار والأفضل ماش فى ركابه؛ فقال له المعبّر:
الماشى على الأرض أملك لها؛ فلمّا سمع ذلك فرّ. ولمّا فرّ ابن مصال صعفت قوى نزار وأفتكين وخافا وطلبا من الأفضل الأمان فأمّنهما ودخل البلد؛ ثم قبض على نزار وأفتكين وبعث بهما إلى مصر، وكان ذلك آخر العهد بنزار. وكان مولد نزار فى يوم الخميس العاشر من شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. وقيل:
إنّ الأفضل بنى لنزار حائطين وجعله بينهما إلى أن مات. وأمّا أفتكين نائب الإسكندريّة فإنّه قتله بعد ذلك. ولم يزل الأفضل يؤمّن ابن مصال حتّى حضر إليه بالقاهرة ولزم داره حتّى رضى عنه الأفضل. انتهى ذكر نزار وكيفيّة قتله.
وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبىّ: وفى أيّامه وهنت دولتهم (يعنى المستعلى صاحب الترجمة) . قال: وانقطعت دعوتهم من أكثر مدن الشام، واستولى عليها الأتراك والفرنج، ونزل الفرنج على أنطاكية وحصروها ثمانية أشهر، وأخذوها فى سادس عشر رجب سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وأخذوا المعرة سنة اثنتين وتسعين، ثم أخذوا القدس فيها أيضا فى شعبان، واستولى الملاعين على كثير من مدن الساحل. ولم يكن المستعلى مع الأفضل بن أمير الجيوش حكم. وفى أيّامه هرب أخوه نزار إلى الإسكندريّة، فأخذ له البيعة على أهل الثغر أفتكين، وساعده قاضى الثغر ابن عمّار، وأقاموا على ذلك سنة. فجاء الأفضل سنة ثمان وثمانين وحاصر الثغر وخرج إليه أفتكين فهزمه، ثم نازلها ثانيا وافتتحها عنوة وقتل جماعة، وأتى القاهرة بنزار وأفتكين، فذبح أفتكين صبرا، وبنى المستعلي على أخيه حائطا، فهو تحته إلى