للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآن: انتهى كلام الذهبىّ. قلت: ومن حينئذ نذكر كيفيّة أخذ الفرنج للسواحل فى أيام المستعلى هذا، وهو كالشرح لمقالة الذهبىّ وغيره:

كان أوّل حركة الفرنج لأخذ السواحل وخروجهم إليها فى سنة تسعين وأربعمائة، فساروا إليها، فأوّل ما أخذوا نيقية «١» ، وهو أوّل بلد فتحوه وأخذوه من المسلمين.

ثمّ فتحوا حصون الدروب شيئا بعد شىء، ووصلوا إلى البارة «٢» وجبل السّمّاق «٣» وفامية وكفر طاب «٤» ونواحيها. وفى سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ساروا إلى أنطاكية ولم ينازلوها، وجاءوا إلى المعرّة فنصبوا عليها السّلا لم فنزلوا إليها فقتلوا من أهلها مائة ألف إنسان، قاله أبو المظفّر سبط ابن الجوزىّ؛ قال: وسبوا مثلها. ثمّ دخلوا كفر طاب وفعلوا مثل ذلك، وعادوا إلى أنطاكية، وكان بها الأمير شعبان «٥» . وقيل شقبان، وقيل فى اسمه غير ذلك- وكان على الفرنج صنجيل، فحاصرها مدّة؛ فنافق رجل من أنطاكية يقال له فيروز «٦» وفتح لهم فى الليل شبّاكا فدخلوا منه، ووضعوا السيف، وهرب شعبان وترك أهله وأمواله وأولاده بها. فلما بعد عن البلد «٧» ندم على ذلك، فنزل عن فرسه فحثى التّراب على رأسه وبكى ولطم، وتفرّق عنه أصحابه وبقى وحده؛ فمرّ به رجل أرمنىّ حطّاب فعرفه فقتله وحمل رأسه إلى صنجيل ملك الفرنج.