وجدتموها فالظّفر لكم، وهى حربتى، فصوموا ثلاثة أيّام وصلّوا وتصدّقوا ثم قام وهم معه إلى المكان ففتّشوه «١» فظهرت الحربة؛ فصاحوا وصاموا وتصدّقوا وخرجوا إلى المسلمين، وقاتلوهم حتى دفعوهم عن البلد؛ فثبت جماعة من المسلمين فقتلوا عن آخرهم، رحمهم الله تعالى. والعجب أنّ الفرنج لمّا خرجوا إلى المسلمين كانوا فى غاية الضعف من الجوع وعدم القوت حتّى إنهم أكلوا الميتة وكانت عساكر الإسلام فى غاية القوّة والكثرة، فكسروا المسلمين وفرّقوا جموعهم، وانكسر أصحاب الجرد السوابق، ووقع السيف فى المجاهدين والمطّوّعين. فكتب دقماق ورضوان والأمراء إلى الخليفة (أعنى المستظهر العباسىّ) يستنصرونه؛ فأخرج الخليفة أبا نصر ابن الموصلايا إلى السلطان بركياروق ابن السلطان ملكشاه السلجوقىّ يستنجده. كلّ ذلك وعساكر مصر لم تهيّأ للخروج.
وأمّا أخذ بيت المقدس فكان فى يوم الجمعة ثالث عشرين شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، وهو أنّ الفرنج ساروا من أنطاكية ومقدّم الفرنج كندهرى فى ألف ألف، منهم خمسمائة ألف مقاتل فارس، والباقون رجّالة وفعلة وأرباب آلات من مجانيق وغيرها، وجعلوا طريقهم على الساحل وكان بالقدس افتخار الدولة من قبل المستعلى خليفة مصر صاحب الترجمة، فأقاموا يقاتلون أربعين يوما، وعملوا برجين مطلّين على السور؛ أحدهما بباب صهيون، والآخر بباب العمود وباب الأسباط، وهو برج الزاوية؛ ومنه فتحها السلطان صلاح الدّين بن أيوب، على ما يأتى ذكره إن شاء الله تعالى. فأحرق المسلمون البرج الذي كان بباب صهيون وقتلوا من فيه. وأمّا الآخر فزحفوا به حتّى ألصقوه بالسور، وحكموا به على البلد، وكشفوا من كان عليه من المسلمين؛ ثم رموا بالمجانيق والسّهام رمية رجل واحد،