ومضوا إلى أحمد بن الأفضل (يعنى الوزير) فعاهدوه وجاءوا به إلى القاهرة، فخرج الغلام الأرمنىّ فقتلوه، وولّوا أبا الميمون عبد المجيد بن محمد بن المستنصر، وولى الخلافة، ولقّبوه بالحافظ؛ ووزر له أبو علىّ أحمد بن الأفضل بن أمير الجيوش، وسمّاه أمير الجيوش. فأحسن إلى الناس، وأعاد إليهم ما صادرهم به الآمر وأسقطه؛ فأحبّه الناس؛ فحسده مقدّمو الدولة فاغتالوه. وقيل: إنّ الآمر لم يخلّف ولدا وترك امرأة حاملا؛ فماج أهل مصر وقالوا: لا يموت أحد من أهل هذا البيت إلّا ويخلّف ولدا ذكرا، منصوصة عليه الإمامة؛ وكان قد نصّ على الحمل قبل موته، فوضعت الحامل بنتا، فعدلوا إلى الحافظ؛ وانقطع النّسل من الآمر وأولاده. وهذا مذهب طائفة من شيعة المصريّين؛ فإنّ الإمامة عندهم من المستنصر إلى نزار.
وكان نقش خاتم الآمر هذا «الآمر بأحكام الله أمير المؤمنين» . وابتهج الناس بقتله.
انتهى كلام صاحب مرآة الزمان أيضا برمّته.
قلت: ونذكر إن شاء الله قتلة الآمر هذا بأوسع من هذا فى آخر ترجمته بعد أن نذكر أقوال المؤرّخين فى أمره.
وقال قاضى القضاة شمس الدين أحمد بن محمد بن خلّكان- رحمه الله-:
«وكان الآمر سيّئ الرأى جائر السّيرة مستهترا متظاهرا باللهو واللّعب. وفى أيّامه أخذت الفرنج مدينة عكّا- ثم ذكر ابن خلّكان نحوا ممّا ذكره الذهبىّ من أخذ الفرنج للبلاد الشامية. إلى أن قال:- خرج من القاهرة (يعنى الآمر) صبيحة يوم الثلاثاء ثالث عشر «١» ذى القعدة سنة أربع وعشرين وخمسمائة، ونزل إلى مصر وعدّى على الجسر إلى الجزيرة التى قبالة مصر (يعنى الرّوضة) ؛ فكمن له قوم بالأسلحة