وتواعدوا على قتله فى السكة التى يمرّ بها. فلمّا مرّ بها وثبوا عليه ولعبوا عليه بالسيوف، وكان قد جاوز الجسر وحده فى عدّة قليلة من غلمانه وبطانته وخاصّته وشيعته، فحمل فى زورق فى النيل ولم يمت، وأدخل القاهرة وهو حىّ وجىء به إلى القصر فمات من ليلته، ولم يعقب. وكان قبيح السّيرة، ظلم الناس وأخذ أموالهم، وسفك الدماء، وارتكب المحظورات، واستحسن القبائح، وابتهج الناس بقتله» .
انتهى كلام ابن خلّكان.
وقيل: إنّ الآمر كان فيه هوج عند طلوعه المنبر فى خطبته فى الجمع والأعياد، فاستحيا وزيره المأمون بن البطائحىّ أن يشافهه بما يقع له من الهوج؛ وأراد أن يفهمها له من غير مشافهة، فقال له: يا مولانا، قد مضى من الشهر أيّام ولم يبق إلا الرّكوب إلى الجمعة الأولى- قلت: وقد تقدّم فى ترجمة المعزّ لدين الله ترتيب خروج الخلفاء الفاطميّين إلى صلاة الجمعة- ويصلّوا بالناس ثلاث جمع، والجمعة الأخيرة «١» من كلّ شهر يصلّى بالناس الخطيب وتسمّى تلك الجمعة جمعة الراحة (أعنى يستريح فيها الخليفة) . ونستطرد فى هذه الترجمة أيضا لذكر شىء من ذلك مما لم نذكره فى ترجمة المعزّ. قال الوزير: يا مولانا، وبعد غد جمعة الراحة، فإن حسن فى الرأى أن يخرج مولانا بحاشيته خاصّة من باب النوبة «٢» إلى القصر النافعىّ «٣» فما فيه سوى عجائز وقرائب وألزام، ويجلس مولانا على القبّة التى على المحراب قبالة الخطيب ليشاهد نائبه فى الخطابة كيف يخطب، فإنّه رجل شريف فصيح اللّسان حافظ القرآن.