للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخذها، ورحلوا عنها بعد ما أحرقوا جميع ما كان لهم من المراكب على الساحل والأخشاب والعمائر والعلوفات وغيرها. وجاءهم طغتكين فما سلّموا إليه البلد؛ فقال طغتكين: أنا ما فعلت الذي فعلته إلّا لله تعالى لا لرغبة فى حصن ولا مال، ومتى دهمكم عدوّكم جئتكم بنفسى وبرجالى، ثمّ رحل عنهم- فلله درّه من ملك- كلّ ذلك ولم تأت نجدة المصريّين. ودام الأمر بين أهل صور والفرنج، تارة بالقتال وتارة بالمهادنة، إلى أن طال على أهل صور الأمر ويئسوا من نصرة مصر، فسلّموها للفرنج بالأمان فى سنة ثمانى عشرة وخمسمائة.

قلت: وما أبقى أهل صور- رحمهم الله تعالى- ممكنا فى قتالهم مع الفرنج وثباتهم فى هذه السنين الطويلة مع عدم المنجد لهم من مصر. وقيل فى أخذ صور وجه آخر.

قال ابن القلانسىّ: وفى سنة تسع عشرة وخمسمائة، ملك الفرنج صور بالأمان.

وسببه خروج سيف الدولة مسعود منها، وكان قد حمل إلى مصر، وأقام الوالى الذي بها فى البلد. قلت: وهذه زيادة فى النّكاية للمسلمين من صاحب مصر؛ فإنّ سيف الدولة المذكور كان قائما بمصالح المسلمين، وفعل ما فعل مع الفرنج من قتالهم وحفظ سور المدينة هذه المدّة الطويلة، فأخذوه منها غصبا وخلّوا البلد مع من لا قبل له بمحاربة الفرنج. فكان حال المصريّين فى أوّل الأمر أنّهم تقاعدوا عن نصرة المسلمين، والآن بأخذهم سيف الدولة من صور صاروا نجدة للفرنج.

وهذا ما فعله إلا الآمر هذا صاحب الترجمة بنفسه بعد أن قبض على الأفضل ابن أمير الجيوش وقتله، وقتل غيره أيضا معه.