والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وخمسمائة فقطع أشجارها وقاتلها أياما، وهو يعود خاسرا. وخرج طغتكين وخيّم ببانياس وجهّز الخيّالة والرّجالة إلى صور نجدة، فلم يقدروا على الدخول إليها من الفرنج وثمّ رحلت الفرنج عنها، ونزلوا على الحبيس «١»(وهو حصن عظيم) وحاصروه حتى فتحوه عنوة؛ وقتلوا كلّ من كان فيه، ثم عاد بغدوين إلى صور وشرع فى عمل الأبراج، وأخذ فى قتالها «٢» والزحف فى كلّ يوم.
فلمّا بلغ ذلك طغتكين زحف عليهم ليشغلهم، فخندق عليهم وهجم الشتاء فلم يبال الفرنج به لأنّهم كانوا فى أرض رملة، والميرة تصل إليهم من صيداء فى المراكب.
ثمّ ركب طغتكين البحر وسار إلى نحو صيداء، وقتل جماعة من الفرنج وغرّق مراكبهم وأوصل مكاتبته إلى أهل صور، فقوّى قلوبهم. ثم عمل الفرنج برجين عظيمين، طول الكبير منهما زيادة على خمسين ذراعا، وطول الصغير زيادة على أربعين ذراعا، وزحفوا بهما أوّل شهر رمضان، وخرج أهل صور بالنّفط والقطران ورموا النار، فهبّت الريح فاحترق البرج الصغير بعد المحاربة العظيمة، ونهب منه زرديات «٣» وطوارق «٤» وغير ذلك؛ ولعبت النار فى البرج الكبير أيضا فأطفأها الفرنج.
ثم إنّ الفرنج طمّوا الخندق، وواتروا الزّحف طول شهر رمضان، وأشرف أهل البلد على الهلاك. فتحيّل واحد من المسلمين له خبرة بالحرب، فعمل كباشا من أخشاب تدفع البرج الذي يلصقونه بالسور. ثم تحيّل فى حريق البرج الكبير حتّى أحرقه، وخرج المسلمون فأخذوا منه آلات وسلاحا. فحينئذ يئس الفرنج من