من العساكر والأموال والأسلحة. فلله الأمر من قبل ومن بعد. ولله درّ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب فيما فعله فى أمر الجهاد وفتح البلاد، كما يأتى ذلك كلّه إن شاء الله مفصّلا فى وقته وساعته فى ترجمة السلطان صلاح الدين- رحمه الله-.
ثمّ إنّ الفرنج لما علموا بحال أهل طرابلس وتحقّقوا أمرهم حملوا حملة رجل واحد فى يوم الاثنين حادى عشر ذى الحجة وهجموا على طرابلس، فأخذوها ونهبوها وأسروا رجالها وسبوا نساءهم وأخذوا أموالها وذخائرها؛ وكان فيها ما لا يحصى ولا يحصر واقتسموها بينهم. وطمعوا فى الغنائم، فساروا إلى جبلة وبها فخر الملك ابن عمّار الذي كان صاحب طرابلس وقاضيها، وتسلّموها منه بالأمان فى ثانى عشر ذى الحجّة فى يوم واحد، وخرج منها ابن عمّار سالما. ثم وصل بعد ذلك الأسطول المصرىّ بالعساكر، فوجدوا البلاد قد أخذت فعادوا كما هم إلى مصر. وسار ابن عمّار إلى شيزر، فأكرمه صاحبها سلطان بن علىّ بن منقذ واحترمه وعرض عليه المقام عنده فأبى، وتوجّه إلى الأمير طغتكين صاحب دمشق، فأكرمه طغتكين وأنزله وأقطعه الزّبدانىّ «١» وأعماله. ثم وقع بين بغدوين صاحب القدس وبين طغتكين المذكور أمور، حتّى وقع الاتفاق بينهما على أن يكون السّواد «٢» وجبل عوف مثلّثة، الثّلث للفرنج والباقى للمسلمين. ثم انقضى ذلك فى سنة خمس وخمسائة. وقصد بغدوين الفرنجىّ المذكور صور؛ فكتب واليها وأهلها إلى طغتكين يسألونه أنهم يسلّمونها إليه قبل مجىء الفرنج لأنّهم يئسوا من نصرة مصر؛ فأبى وبعث إليهم الفرسان والرّجالة، وجاءهم هو من جبل عاملة ثمّ عاد. ثمّ سار إليهم بغدوين فى «٣» الخامس