المذكور، والتقوا مع الفرنج واقتتلوا قتالا شديدا أسر فيه سالم بن بدر المذكور، ثم كانت الدائرة على الفرنج، فانهزموا وقتل منهم خلق كثير. والقسم الآخر من الفرنج الذي قصد حرّان والبلاد الشاميّة لم ينهض لقتالهم وصالحهم ابن عمّار قاضى طرابلس وصاحبها وهادنهم، على أن يكون لصنجيل ملك الفرنج ظاهر البلد، وألّا يقطع الميرة عنها وأن يكون داخل البلد لابن عمّار. وهلك فى أثناء ذلك صنجيل المذكور ملك الروم. ولم ينهض أحد من المصريّين لقتال المذكورين.
فعلمت الفرنج ضعف من بمصر. ثم بعد ذلك فى سنة اثنتين وخمسمائة قصد الفرنج طرابلس وأخذوها، بعد أن اجتمع عليها ملوك الفرنج مع ريمند «١» بن صنجيل المقدّم ذكره فى ستين مركبا فى البحر مشحونة بالمقاتلة؛ وطنكرى الفرنجىّ صاحب أنطاكية، وبغدوين الفرنجىّ صاحب القدس بمن معهم، جاءوا من البرّ وشرعوا فى قتالها وضايقوها من أوّل شعبان إلى حادى عشر ذى الحجّة، وأسندوا أبراجهم إلى سور البلد. فلمّا رأى أهل طرابلس ذلك أيقنوا بالهلاك مع تأخّر أسطول مصر عنهم. ثم حضر أسطول مصر من البحر. وصار كلّما سار نحو البلد ردّه الفرنج إلى نحو مصر.
قلت: ومن هذا يظهر عدم اكتراث أهل مصر بالفرنج من كلّ وجه. الأوّل:
من تقاعدهم عن المسير فى هذه المدّة الطويلة. والثانى: لضعف العسكر الذي أرسلوه مع أسطول مصر، ولو كان لعسكر الأسطول قوّة لدفع الفرنج من البحر عن البلد على حسب الحال. والثالث: لم لا خرج الوزير الأفضل بن أمير الجيوش بالعساكر المصرية كما كان فعل والده بدر «٢» الجمالىّ فى أوائل الأمر. هذا مع قوّتهم