منه، وإنّه رأى رؤيا تدلّ على أنّها ستلد ولدا ذكرا، وهو الخليفة من بعده؛ وإنّ كفالته للأمير عبد المجيد أبى الميمون. فجلس عبد المجيد المذكور كفيلا، ونعت بالحافظ لدين الله، وأن يكون هزبر الملوك وزيرا، وأن يكون الأمير الأجل السعيد يانس متولّى الباب وإسفهسالار. وكان أصله من غلمان الأفضل بن أمير الجيوش (يعنى من مماليكه) ؛ وكان من أعيان الأمراء بمصر، وقرئ بهذا التقرير سجلّ بالإيوان، والحافظ فى الشبّاك جالس، قرأه قاضى القضاة على منبر نصب له أمام الشبّاك بحضور أرباب الدولة. واستمرّ الحافظ، وانفشّ ورم الحبلى، ووزر له هذا المذكور وأميران بعده، وهما: بهرام الأرمنىّ، ورضوان بن ولخشى.
قلت: ولم يذكر هذا المؤرّخ أمر أحمد الوزير، ولا ما وقع له مع الحافظ، وهو أجدر بأخبار الفاطميّين من غيره. ولعلّه حذف ذلك لكونه كان فى أوّل الأمر. والله أعلم.
قال: استمرّ الحافظ خليفة من سنة أربع وعشرين وخمسمائة إلى جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وخمسمائة. وكان له من الأولاد عدّة: سليمان وهو أكبرهم وأحبّهم إليه، وحسن وكان عاقّا له، ويوسف وجبريل، هؤلاء قبل خلافته.
وولد له فى خلافته أبو منصور إسماعيل، وخلّف بعد موته. ولما ولّى العهد لسليمان أكبر أولاده فى حياته جعله يسدّ مكان الوزير، ويستريح من مقاساة الوزراء الذين يحيفون عليه ويضايقونه فى أمره ونهيه. فمات سليمان بعد ولايته العهد بشهرين، فحزن عليه شهورا. وترشّح حسن ثانيه فى العمر لولاية العهد، فلم يستصلحه أبوه الحافظ لذلك ولا أجابه إليه. فعظم ذلك على حسن المذكور، ودعا لنفسه وكاتب الأمراء وعوّل على اعتقال أبيه ليستبدّ هو بالأمر، وأطمع الناس فيما يواصلهم به إذا تمّ له الأمر؛ فامتدّت إليه الأعناق، وكاتب الأمراء وكاتبوه.