وحلف برأس الخليفة وبالتوراة أنّه لا يعرف شيئا من هذا فتركه. ثم حضر ابن قرقة ففاوضه فى السقية فقال: الساعة، ولا يتقطّع الجسد بل تفيض النفس لا غير، فأحضرها فى يومه؛ وألزم الخليفة ولده حسنا على شربها فشر بها ومات، وقيل للقوم سرّا: قد كان ما أردتم، فامضوا إلى دوركم. فلم يثقوا بذلك بل قالوا:
يشاهد منّا من نثق به. فأحضروا أميرا معروفا بالجرأة يقال له المعظّم جلال الدين محمد جلب راغب «١» ؛ فدخل المذكور إلى المكان الذي فيه القتيل، فوجده مسجّى وعليه ملاءة، فكشف عن وجهه وأخرج من وسطه بارشينا «٢» ، فغرزه بها فى مواضع خطرة من جسده حتى تحقّق موته، وعاد إلى القوم فأخبرهم فوثقوا منه وتفرّقوا. ولما نسّاهم الحافظ أمر ابنه قبض على ابن قرقة صاحب السقية فرماه فى خزانة البنود، وأمر بارتجاع جميع أملاكه وموجوده إلى الديوان. وكانت داره «٣» بالزقاق الذي كان يسكنه فرّوخ شاه بن أيّوب، تطلّ على الخليج قبالة الغزالة «٤» وما فيه من الدور والحمّام؛ وهذا الدرب يعرف بدرب ابن قرقة