الظافر، وطمرهم فى بئر هناك. وأصبح عبّاس فبايع عيسى بن الظافر، ولقّبه الفائز، على ما يأتى ذكره فى أوّل ترجمة الفائز.
ولما تمّ لعبّاس ما قصده من قتل الخليفة وتولية ولده الخلافة، كثرت الأقاويل ووقع الناس على الخبر الصحيح بالحدس، فاستوحش الناس قتل هؤلاء الأئمة.
وكان طلائع بن رزّيك واليا على الأشمونين «١» والبهنسا «٢» ؛ فتحرّك حاشدا على عبّاس، ولبس السواد وحمل شعور النساء حرم الخليفة على الرماح. فتخلخل أمر عبّاس وتفرّق الناس عنه، وصار الناس تسمبه المكروه فى الطّرقات من كلّ فجّ، حتى إنّه رمى من طاق ببعض الشوارع وهو جائز بهاون نحاس، وفى يوم آخر بقدر مملوءة ماء حارّا؛ فقال عبّاس: ما بقى بعد هذا شىء. فصار يدبّر كيف يخرج وأين يسلك. فأشار عليه بعض أصحابه بتحريق القاهرة قبل خروجه منها فلم يفعل، وقال: يكفى ما جرى. فلمّا قرب طلائع بن رزيك إلى القاهرة خرج عبّاس وابنه ومعهما كلّ ما يملكانه طالبّا للشرق. فحال الفرنج بينه وبين طريقه، فقاتل حتّى قتل وأسر ولده نصر، وفاز الفرنج بما كان معه، وذلك فى شهر ربيع الأوّل سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وأمّا ولده نصر فنذكر أمره وقتله فى أوّل ترجمة الفائز بأوسع من هذا إن شاء الله تعالى.
وكانت قتلة الخليفة الظافر هذا فى سلخ المحرّم سنة تسع «٣» وأربعين وخمسمائة على قول من رحّج ذلك، وله اثنتان وعشرون سنة؛ وكانت خلافته أربع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام. وتولّى الخلافة بعده ولده الفائز عيسى.
ونذكر إن شاء الله أمر قتله أيضا فى ترجمة الفائز بأوسع من هذا هناك.