للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبيه الخليفة يوم قتل عمّيه يوسف وجبريل ابنى الحافظ- وهما مظلومان- بتهمة أنّهما قتلا أخاهما الخليفة الظافر حسدا على الرتبة لينالاها بعده. وليس الأمر كذلك، بل عبّاس الوزير وولده نصر قتلاه. فرآهما الخليفة هذا الصغير مقتولين، فتفزّع واضطرب وغشى عليه، ولازمه ذلك وكثر به.

قلت: وقول هذا عندى فى قتل الخليفة الظافر أثبت الأقاويل. وبكلامه أيضا يعرف جميع ما ذكرناه فى أمره من أقوال المؤرّخين؛ فانّه ساق أمره على جليّته من غير إدخال شىء معه.

وأمّا تفصيل أمر عبّاس الوزير وابنه نصر فإنّ عبّاسا كان رجلا من بنى تميم ملوك الغرب، ودخل عبّاس القاهرة فاجتمع بالخليفة، فأكرمه وأنعم عليه بأشياء ثم خلع عليه بالوزارة على العادة ولقبه؛ فباشر عبّاس الوزارة وخدم الأمور وأكرم الأمراء وأحسن إلى الأجناد لينسيهم العادل ابن سلّار. واستمرّ ابنه نصر على مخالطة الخليفة الظافر؛ حتّى اشتغل الظافر عن كلّ أحد بآبن عبّاس المذكور، وأبوه عبّاس يكره خلطته بالخليفة. وانتهى الخليفة معه إلى أن يخرج من قصره لزيارة ابن عبّاس بداره التى بالسيوفيين، بحيث لا يعلم عبّاس بذلك. فلمّا علم استوحش من الخليفة لجرأة ابنه، وتوهّم أنّه ربما يحمله الخليفة على قتله. فقال عباس لابنه سرّا: قد أكثرت من ملازمة الخليفة حتى تحدّث الناس فى حقّك معه بما أزعج باطنى، وربّما يتناقل الناس ذلك ويصل إلى أعدائنا منه ما لا يزول، ففهم ابنه نصر عنه وأخذته حدّة الشباب؛ فقال نصر لأبيه: أيرضيك قتله؟ فقال أزل التهمة عنك كيف شئت. فخرج الخليفة ليلة إلى نصر بن عبّاس على عادته، فقتله بالجماعة الذين قتل بهم الوزير ابن سلّار، وقتل أيضا أستاذين كانا مع الخليفة