فى أعناقنا، وهؤلاء الأمراء الحاضرون يعلمون ذلك، وإنّا فى طاعته بوصيّة والدنا، وأقاما الحجّة عليه. فكذّبهما وأمر غلمانه بقتل الثلاثة فى دارهم. ثم قال للزّمام:
أين ابن مولانا؟ قال حاضر. فقال عبّاس: قدّامى إلى مكانه. فدخل الوزير عبّاس بنفسه إليه، وكان عند جدّته لأمّه، فحمله على كتفه وأخرجه للنّاس قبل رفع المقتولين، وبايع له بالخلافة، ولقّبه بالفائز بنصر الله. فرأى الصبىّ القتلى فتفزّع واضطرب ودام مدّة خلافته لا يطيب له عيش من تلك الرجفة. وتم أمر الفائز فى الخلافة، ووزر له عبّاس المذكور، إلى أن وقع له مع طلائع بن رزّيك ما سنذكره من أقوال جماعة من المؤرّخين. وقد ذكرنا منه أيضا نبذة جيّدة فيما مضى، ولكن اختلاف النقول فيها فوائد.
وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبىّ فى تاريخ الإسلام- بعد أن ساق نسب الفائز هذا حتّى قال-: «بويع: بالقاهرة حين قتل والده الظافر وله خمس سنين، وقيل: بل سنتان، فحمله الوزير عبّاس على كتفه ووقف فى صحن الدار به مظهر الحزن والكآبة، وأمر أن يدخل الأمراء فدخلوا؛ فقال لهم: هذا ولد مولاكم، وقد قتل عمّاه مولاكم، وقد قتلتهما كما ترون به، وأشار إلى القتلى، والواجب إخلاص الطاعة لهذا الولد الطفل. فقالوا كلّهم: سمعنا وأطعنا، وضجّوا ضجّة واحدة بذلك. ففزع الطفل (يعنى الفائز) ، ومال على كتف عبّاس من الفزع. وسمّوه الفائز، ثم سيّروه إلى أمّه وقد اختلّ عقله من تلك الضجّة فيما قيل، فصار يتحرّك فى بعض الأوقات ويصرع- قلت: على كلّ قول كان الفائز قد اختلّ عقله-. قال:
«ولم يبق على يد عبّاس الوزير يد ودانت له الممالك. وأمّا أهل القصر فإنّهم اطّلعوا على باطن القصّة فأخذوا فى إعمال الحيلة فى قتل عبّاس وابنه، فكاتبوا طلائع بن