فى الوزارة سنة وكسرا، فما رأى الناس أحسن من أيامه، وسامح الناس بما عليهم من الأموال البواقى الثابتة فى الدواوين، ولم يسبق إلى ذلك. ودام فى الوزارة حتى قيل: اصرف شاور من قوص يتمّ الأمر لك. فأشار عليه سيف الدين حسين بإبقائه؛ فقال رزّيك: مالى طمع فيما آخذه منه، ولكن أريده يطأ بساطى. فقيل له:
ما يدخل أبدا، فما قبل. وخلع على أمير يقال له ابن الرفعة بولاية قوص عوضا عن شاور؛ فخرج شاور من قوص فى جماعة قليلة إلى الواحات «١» .
وأما رزّيك الوزير فإنّه رأى مناما أخبر به ابن عمّه سيف «٢» الدين حسين؛ فقال له حسين: إنّ بمصر رجلا يقال له ابن الإيتاخى حاذقا فى التعبير، فأحضره رزّيك وقال له: رأيت كأنّ القمر قد أحاط به حنش، وكأنّنى روّاس فى حانوت.
فغالطه المعبّر فى التفسير؛ وظهر ذلك لسيف الدين حسين، فأمسك إلى أن خرج المعبّر فقال له: ما أعجبنى كلامك، والله لا بدّ أن تصدقنى ولا بأس عليك. فقال:
يا مولاى، القمر عندنا هو الوزير، كما أنّ الشمس خليفة؛ والحنش المستدير عليه هو جيش مصحف؛ وكونه روّاسا اقلبها تجدها شاور مصحّفا أيضا. فقال له حسين: اكتم هذا عن الناس. واهتمّ حسين فى أمره، ووطّأ له التوجّه إلى مدينة النّبيّ عليه السّلام، وكان أحسن إلى المقيمين بها، وحمل إليها مالا وأودعه عند من يثق به. وصار أمر شاور يزداد ويقوى حتى قرب من القاهرة، وصاح