قلت: وكان وزير العاضد شاور. وشاور هذا هو الذي وقع له مع الأمير أسد الدين شيركوه الآتى ذكره ما وقع. يأتى ذلك كلّه فى ترجمة ابن أخيه السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب مفصّلا؛ لكن نذكر هنا من أحوال شاور المذكور نبذة كبيرة ليكون الناظر بعد ذلك فيما يأتى على بصيرة بترجمة شاور المذكور.
وكان شاور قد وزر للعاضد بعد قتل رزّيك ابن الملك الصالح طلائع بن رزّيك.
وكان دخوله إلى القاهرة من قوص فى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة لمّا ملكها رزّيك، ودخل معه خلق كثير ونزل بدار سعيد السعداء، ودخل معه أولاده طيىء وشجاع. فلما وزر زاد الأجناد على ما كان لهم عشر مرّات. وكان يجلس والأبواب مغلّقة عليه خيفة من حواشى رزّيك. وكان رزّيك أنشأ أمراء يقال لهم البرقية، ويقال لكبيرهم ضرغام. فولّى شاور ضرغاما المذكور الباب، وكان فارسا شجاعا، جمع على شاور حتى أخرجه من القاهرة وقتل ولده الأكبر المسمى بطيّئ، وبقى ابنه شجاع المنعوت بالكامل. فسار شاور إلى الشام، واستنجد بالملك العادل نور الدين محمود بن زنكى بن آق سنقر المعروف بالشهيد؛ فأرسل معه الملك العادل أحد أمرائه وهو الأمير أسد الدين شيركوه بن شادى. يأتى ذكر ذلك كلّه فى آخر هذه الترجمة، وأيضا فى ترجمة السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب بأوسع من هذا، بعد أن نذكر أقوال جماعة من المؤرّخين فى حقّ العاضد هذا وأحواله.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبىّ فى تاريخ الإسلام- بعد ما ساق نسبته إلى أن قال-: العبيدىّ الرافضىّ الذي زعم هو وبيته أنّهم فاطميّون، وهو آخر خلفاء مصر.
ولد سنة ستّ وأربعين وخمسمائة فى أوّلها. فلمّا هلك الفائز ابن عمّه واستولى الملك الصالح طلائع بن رزّيك الديار المصريّة، بايع العاضد وأقامه صورة، وكان كالمحجور عليه لا يتصرّف فى كلّ ما يريد، ومع هذا كان رافضيّا سبّابا خبيثا.