قال ابن خلّكان: كان إذا رأى سنّيّا استحلّ دمه. وسار وزيره الملك الصالح طلائع بن رزّيك بسيرة مذمومة، واحتكر الغلّات فغلت الأسعار، وقتل أمراء الدولة خيفة منهم، وأضعف أحوال دولتهم، فقتل ذوى الرأى والبأس وصادر أولى الثروة. وفى أيام العاضد ورد حسين بن نزار بن المستنصر العبيدىّ من المغرب وقد جمع وحشد؛ فلمّا قارب مصر غدر به أصحابه وقبضوا عليه وأتوا به إلى العاضد فذبحه صبرا فى سنة سبع وخمسين. ثم قتل العاضد طلائع بن رزّيك ووزر له شاور؛ فكان سبب خراب دياره؛ ودخل أسد الدين إلى ديار مصر وقتل شاور، ومات أسد الدين شيركوه وقام فى الأمر ابن أخيه صلاح الدين يوسف ابن أيوب، وتمكّن فى المملكة. انتهى.
وقال القاضى «١» جمال الدين بن واصل: حكى لى الأمير حسام الدين بن أبى علىّ قال: كان جدّى فى خدمة صلاح الدّين، فحكى أنّه لمّا وقعت هذه الواقعة (يعنى وقعة السودان بالقاهرة) التى زالت دولتهم فيها، وزالت آل عبيد من مصر (يأتى ذكر هذه الواقعة فى آخر ترجمة العاضد إن شاء الله تعالى) قال: وشرع «٢» صلاح الدين يطلب من العاضد أشياء من الخيل والرقيق والأموال ليتقوّى بذلك. قال: فسيرّنى يوما إلى العاضد أطلب منه فرسا ولم يبق عنده إلّا فرس واحد، فأتيته وهو راكب فى البستان «٣» المعروف بالكافورىّ الذي يلى القصر، فقلت: السلطان صلاح الدين يسلّم عليك ويطلب منك فرسا؛ فقال: ما عندى إلّا الفرس الذي أنا راكبه، ونزل عنه وشقّ خفّيه ورمى بهما وسلّم إلىّ الفرس، فأتيت به صلاح الدين، ولزم العاضد بيته.