من جمادى سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وكان مع أسد الدين شيركوه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيّوب فى خدمته. فلمّا وصلوا إلى القاهرة خرج إليهم أبو الأشبال ضرغام بن عامر بن سوار «١» ، فحار بهم أيّاما ووقع بينهم حروب وأمور يطول شرحها، إلى أن التقوا على باب القاهرة؛ فحمل ضرغام بنفسه فى أوائل الناس فطعن وقتل، واستقام أمر شاور. فكانت وزارة ضرغام تسعة أشهر. واستولى شاور ثانيا على القاهرة. وكان خبيثا سفّا كاللدماء. ولمّا ثبت أمره ظهر منه أمارات الغدر بأسد الدّين شيركوه. فأشار صلاح الدين يوسف بن أيّوب على عمّه أسد الدين شيركوه بالتأخّر إلى بلبيس «٢» . وكان أسد الدين لا يقطع أمرا دون صلاح الدين، ففعل ذلك وخرج إلى بلبيس، وبعث أسد الدين يطلب من شاور رزق الجند (أعنى النفقة) فاعتذر وتعلّل عليه. فكتب أسد الدين إلى نور الدين يخبره بما جرى، ودسّ شاور إلى الفرنج رسلا يدعوهم إلى مصر ويبذل لهم الأموال، فاجتمع الفرنج من الساحل وساروا من الدّاروم «٣» متّفقين مع شاور على أسد الدين شيركوه. فتهيّأ أسد الدين لحربهم وحاربهم فقوى الفرنج عليه وحاصروه بمدينة بلبيس نحو شهرين حتّى صالحهم أسد الدين على مال. وكان حصارهم له من أوّل شهر رمضان إلى ذى القعدة. ووقع بينهم حروب وأمور حتى بلغهم أنّ نور الدين