«هذا «١» عهد لم يعهد إلى وزير بمثله، فتقلّد ما أراك الله أهلا بحمله؛ وخذ كتاب أمير المؤمنين بقوّة، واسحب ذيل الافتخار بخدمتك بيت النبوّة؛ والزم حقّ الإمامة تجد إلى الفوز سبيلا، ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا» . ثم أرسل العاضد نسخة الأيمان إلى أسد الدين، وحلف كلّ واحد منهما لصاحبه على الوفاء والطاعة والصفاء. فتصرّف أسد الدين شهرين ومات. ولمّا احتضر أوصى إلى ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيّوب، فولّى صلاح الدين الوزارة ولقّب بالملك الناصر، على ما يأتى ذكر ذلك كلّه فى ترجمتهما بأوضح من ذلك.
ولمّا وزر صلاح الدين اختلف عليه جماعة من الأمراء عقيب وفاة أسد الدين.
وبلغ الملك العادل نور الدين اتّفاق الأمراء عليه بمصر؛ فقال له توران «٢» شاه بن أيّوب الذي لقّب بعد ذلك بالملك المعظّم، وكان أسنّ من صلاح الدين: يا مولانا، أريد أن أسير إلى أخى (يعنى إلى صلاح الدين) فقال له نور الدين: إن كنت تسير إلى مصر وترى يوسف أخاك بعين أنّه كان يقف فى خدمتك وأنت قاعد فلا تسر، فإنّك تفسد العباد والبلاد فتحوجنى إلى عقوبتك بما تستحقّه، وإن كنت تسير إليه وترى أنّه قائم مقامى وتخدمه كما تخدمنى، وإلّا فلا «٣» تذهب إليه. فقال: