فما أبرمت إلّا حبل ودّى ... ولا ثقّلت إلّا ظهر شكرى
وكانت وفاته فى جمادى الاخرة.
وفيها توفّى يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد «٢» بن حسن الشيبانىّ- قد رفع نسبه صاحب مرآة الزمان إلى عدنان- هو الوزير عون الدين أبو المظفّر بن هبيرة.
ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة بقرية الدّور «٣» من أعمال العراق، وقرأ بالروايات وسمع الحديث الكثير، وقرأ النحو واللغة والعروض، وتفقّه على مذهب الإمام أحمد ابن حنبل رضى الله عنه، وصنّف الكتب الحسان. وكان قبل وزارته فقيرا؛ فلما أضرّ الفقر بحاله تعرّض للخدمة، فجعله الخليفة المقتفى مشرفا فى المخزن، ثم صار صاحب الديوان ثم استوزره، فسار فى الوزارة أجمل سيرة. وكان دينّا جوادا كريما. دخل عليه الحيص بيص الشاعر مرّة؛ فقال له ابن هبيرة: قد نظمت بيتين، تقدر أن تعزّزهما بثالث؟ قال: وما هما؟ قال:
[البسيط]
زار الخيال بخيلا مثل مرسله ... ما شاقنى منه إلّا الضّمّ والقبل
ما زارنى قطّ إلّا كى يوافقنى ... على الرّقاد فينفيه ويرتحل
فقال الحيص بيص من غير رويّة:
وما درى أنّ نومى حيلة نصبت ... لوصله حين أعيا اليقظة الحيل