وكانت وفاته فى هذه السنة. وقال ابن خلّكان: فى سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وفيها توفّى عبد الكريم «١» بن محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبّار الإمام الحافظ أبو سعيد بن السّمعانىّ «٢» التميمىّ، مولده بمرو. وكان إماما فاضلا محدّثا فقيها. ذيّل على تاريخ أبى بكر الخطيب، ورحل إلى دمشق. قال ابن عساكر: ثمّ عاد من دمشق إلى بغداد فسمّع تاريخ الخطيب وذيّله، وعاد إلى خراسان وعبر النهر «٣» ، وحدّث ببلخ وهراة. وصنّف كتابا سماه «فرط الغرام إلى ساكنى الشام» وأرسل به إلى دمشق وهو بخطّه فى ثمانية أجزاء تشتمل على أخبار وحكايات. ومات بمرو فى شهر ربيع الأوّل.
وفيها توفّى الأمير زين الدّين علىّ بن بكتكين بن مظفّر الدّين كوكبورى «٤» ، المعروف كوجك «٥» ، التركىّ. كان حاكما على الموصل وغيرها، وكان حسن السّيرة عادلا فى الرعيّة.
وكان أوّلا بخيلا مسيكا، ثمّ إنّه جاد فى آخر عمره، وبنى المدارس والقناطر والجسور.
وحكى أنّ بعض الجند جاءه بذنب فرس وقال له: مات فرسى، فأغطاه عوضه؛ وأخذ ذلك الذنب آخر وجاءه به وقال له: مات فرسى، فأعطاه عوضه؛ ولا زال يتداول الذنب اثنا عشر رجلا، وهو يعلم أنّه الأوّل ويعطيهم الخيل. فلمّا أعجزوه أنشد:
[الكامل]
ليس الغبىّ بسيّد فى قومه ... لكنّ سيّد قومه المتغابى
فعلموا أنّه علم فتركوه. ولما كبر سنّه سلّم البلاد إلى قطب الدين مودود، وقال له:.
إنّك لا تنتفع بى، فقد كبرت وضعفت قوّتى وخاننى سمعى وبصرى. وكان الأتابك