اسمه ابق بن محمد بن بورى بن الأتابك ظهير الدين طغتكين. وطغتكين مولى تتش ابن ألب أرسلان أخى ملكشاه السّلجوقىّ.
ولمّا ملك نور الدين محمود دمشق وفّى لهما بما وعدهما، وصارا من أكابر أمرائه خصوصا نجم الدين؛ فإنّ جميع الأمراء كانوا إذا دخلوا على نور الدين لا يقعد أحد حتّى يأمره نور الدين بالقعود إلّا نجم الدين هذا، فإنّه كان إذا دخل قعد من غير إذن. وداما عند نور الدين فى أعلى المنازل إلى أن وقع من أمر شاور وزير مصر ما وقع- وقد حكيناه فى ترجمة العاضد العبيدىّ- ودخول أسد الدين شيركوه إلى الديار المصريّة ثلاث مرّات، ومعه ابن أخيه صلاح الدين يوسف هذا، حتّى ملك أسد الدين الديار المصريّة فى الثالثة، وقتل شاور؛ وولى أسد الدين وزارة مصر، ولقّب بالمنصور، ومات بعد شهرين؛ فولّى العاضد الخليفة صلاح الدين هذا الوزارة، ولقّبه الملك الناصر؛ وذلك فى العشر الأخير من جمادى الآخرة سنة أربع وستين وخمسمائة. واستولى على الديار المصريّة ومهّد أمورها. وصار يدعى للعاضد، ثمّ من بعده للملك العادل نور الدين محمود، ثمّ من بعدهما لصلاح الدين هذا. ونذكر ولايته إن شاء الله بأوسع من هذا من كلام ابن خلّكان، بعد أن نذكر نبذة من أموره.
واستمرّ صلاح الدين بمصر وأرسل يطلب أباه نجم الدين أيّوب من الملك العادل نور الدين محمود الشهيد، فأرسله إليه معظّما مبجّلا؛ وكان وصوله (أعنى نجم الدين) إلى القاهرة فى شهر رجب سنة خمس وستين وخمسمائة؛ فلمّا قرب نجم الدين إلى الديار المصريّة خرج ابنه السلطان صلاح الدين بجميع أمراء مصر إلى ملاقاته، وترجّل صلاح الدين وجميع الأمراء ومشوا فى ركابه؛ ثمّ قال له ابنه صلاح الدين: هذا الأمر لك (يعنى الوزارة) وهى السلطنة الآن، وتدبير ملك مصر، ونحن بين يديك؛