للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكريم أخلاقهم أنّ الأسير إذا أكل أو شرب من مال من أسره أمن؛ فلذا قال السلطان للتّرجمان: أنت الذي سقيته. ثمّ أمر السلطان بمسيرهم إلى موضع عيّنه لهم فأكلوا شيئا، ثم عادوا بهم ولم يبق عند السلطان سوى بعض الخدم؛ فآستحضرهم وأقعد الملك فى دهليز الخيمة، فطلب البرنس أرناط وأوقفه بين يديه، وقال [له «١» ] : هأنا أنتصر لمخمد منك، ثم عرض عليه الإسلام فلم يفعل، فسلّ النّيمجاه «٢» فضربه بها فحلّ كتفه، وتمّم قتله من حضر، وأخرجت جثّته ورميت على باب الخيمة؛ فلما رآها الملك جفرى لم يشكّ أنه يلحقه به، فاستحضره السلطان وطيّب قلبه، وقال له: لم تجر عادة الملوك أن يقتلوا الملوك إلّا أنّ هذا تجاوز الحدّ وتجرّأ على الأنبياء صلوات الله عليهم، ثم أمره بالانصراف. وبات الناس تلك الليلة على أتمّ سرور. وفى هذه الواقعة يقول العماد الكاتب قصيدة طنّانة منها:

حططت «٣» على حطّين قدر ملوكهم ... ولم تبق من أجناس كفرهم جنسا

بطون ذئاب الأرض صارت قبورهم ... ولم ترض أرض أن تكون لهم رمسا

وقد طاب ريّانا على طبريّة ... فياطيبها ريّا ويا حسنها مرسى

وقال ابن «٤» السّاعاتىّ قصيدة أخرى عظيمة فى هذا الفتح، أوّلها:

جلت «٥» عزماتك الفتح المبينا ... فقد قرّت عيون المؤمنينا