قال ابن شدّاد: وأمرنى بالمقام بالقدس إلى حين عوده إليه لعمارة بيمارستان أنشأه به، وتكميل المدرسة التى أنشأها به، وسار ضحوة «١» نهار الخميس السادس من شوّال سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. فلمّا فرغ السلطان من افتقاد أحوال القلاع وإزاحة خللها دخل دمشق بكرة يوم الأربعاء سادس «٢» عشرين شوّال، وفيها أولاده:
الملك الأفضل، والملك الظاهر، والملك الظافر مظفّر الدّين الخضر المعروف بالمشمّر «٣» وأولاده الصغار؛ وكان السلطان يحبّ البلد (يعنى دمشق) ويؤثر الإقامة به على سائر البلاد، وجلس للناس فى بكرة يوم الخميس السابع والعشرين منه، وحضروا عنده وبلّوا أشواقهم منه، وأنشده الشعراء، ولم يتخلّف عنه أحد من الخاصّ والعامّ، وأقام ينشر جناح عدله بدمشق إلى أن كان يوم الاثنين «٤» مستهلّ ذى القعدة، عمل الملك الأفضل دعوة للملك الظاهر أخيه لأنّه لمّا وصل إلى دمشق وبلغه حركة السلطان أقام بها [حتّى «٥» يتملّى بالنظر إليه ثانيا] ، ولمّا عمل الأفضل الدعوة أظهر فيها من الهمم العالية ما يليق بهمّته، وكان أراد بذلك مجازاته لما خدمه [به «٦» ] حين وصوله إلى بلده، وحضر الدعوة المذكورة أرباب الدنيا والآخرة، وسأل الأفضل والده السلطان فى الحضور فحضر، وكان يوما مشهودا على ما بلغنى. قال: ولمّا أصلح الملك العادل الكرك سار قاصدا الديار الفراتيّة «٧» ، وأحبّ أن يدخل دمشق،