فوصل إليها وخرج السلطان إلى لقائه، وأقام يتصيّد «١» حول غباغب إلى الكسوة حتّى لقى أخاه الملك العادل وسارا جميعا «٢» يتصيّدان، ثم عادا إلى دمشق؛ فكان دخولهما دمشق آخر نهار يوم الأحد حادى عشرين «٣» ذى القعدة سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وأقام السلطان بدمشق يتصيّد هو وأخوه الملك العادل وأولاده ويتفرّجون فى أراضى دمشق، وكأنه وجد راحة ممّا كان فيه من ملازمة التعب والنّصب وسهر الليل، فكان ذلك كالوداع لأولاده، ونسى عزمه إلى مصر، وعرضت له أمور أخر وعزمات غير ما تقدّم.
قال ابن شدّاد: ووصلنى كتابه إلى القدس يستدعينى لخدمته، فخرجت من القدس فى يوم الجمعة الثالث والعشرين من المحرّم سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وكان الوصول إلى دمشق يوم الثلاثاء ثانى عشر صفر من السنة. وركب السلطان ليتلقى الحاج فى يوم الجمعة خامس عشر صفر، وكان ذلك آخر ركوبه. ولمّا كانت ليلة السبت وجد كسلا عظيما وما انتصف الليل حتّى غشيته حمّى صفراوية، وكانت فى باطنه أكثر ممّا فى ظاهره، وأصبح يوم السبت متكسّلا، عليه أثر الحمّى، ولم يظهر ذلك للناس، لكن حضرت عنده أنا والقاضى الفاضل، فدخل ولده الملك الأفضل وطال جلوسنا عنده وأخذ يشكو قلقه بالليل، وطاب له الحديث إلى وقت الظهر، ثم انصرفنا وقلوبنا عنده، فتقدّم إلينا بالحضور على الطعام فى خدمة