بالأنفس. تم جلس ولده الملك الأفضل للعزاء وغسّله أبو القاسم ضياء الدّين عبد الملك بن زيد الدّولعىّ «١» خطيب دمشق، وأخرج تابوت السلطان- رحمه الله تعالى- بعد صلاة الظهر مسجّى بثوب فوط، فارتفعت الأصوات عند مشاهدته، وعظم الضّجيج وأخذ الناس فى البكاء والعويل، وصلّوا عليه أرسالا، ثم أعيد إلى داره التى فى البستان، وهى التى كان متمرضا بها، ودفن فى الضّفّة الغربيّة منها. وكان نزوله فى حفرته قريبا من صلاة العصر. ثم أطال ابن شدّاد القول فى هذا المعنى إلى أن أنشد فى آخر السيرة بيت أبى تمّام الطائىّ، وهو قوله:
ثمّ انقضت تلك السّنون وأهلها ... فكأنّها وكأنّهم أحلام
ولقد كان- رحمه الله تعالى-. من محاسن الدنيا وغرائبها.
ثم ذكر ابن شدّاد أنّه مات ولم يخلّف فى خزائنه من الذهب والفضّة إلا سبعة وأربعين درهما ناصريّة ودينارا «٢» واحدا ذهبا صوريّا، ولم يخلّف ملكا ولا دارا ولا عقارا ولا بستانا ولا قرية ولا مزرعة. وفى ساعة موته كتب القاضى الفاضل إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب بطاقة مضمونها:
«لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة. إنّ زلزلة الساعة شىء عظيم.
كتبت إلى مولانا السلطان الملك الظاهر، أحسن الله عزاءه وجبر مصابه؛ وجعل