وفيها توفّى الموفّق أسعد بن [إلياس «١» بن جرجس] المطران الطبيب. كان نصرانيّا فأسلم على يد السلطان، وكان غزير المروءة حسن الأخلاق كريم العشرة. وكان يصحبه صبىّ حسن الصورة اسمه عمر. وكان الموفّق يحبّ أهل البيت ويبغض ابن عنين «٢» الشاعر لخبث لسانه، وكان يحرّض السلطان صلاح الدين عليه ويقول له:
أليس هذا هو القائل:
سلطاننا أعرج وكاتبه ... أعمش والوزير منحدب
فهجاه ابن عنين بقوله:
قالوا الموفّق شيعىّ فقلت لهم ... هذا خلاف الذي للناس منه ظهر
فكيف يجعل دين الرّفض مذهبه ... وما دعاه إلى الإسلام غير عمر
وفيها توفّى سليمان بن جندر. كان من أكابر أمراء حلب، ومشايخ الدولتين:
النّوريّة والصلاحيّة، شهد مع السلطان صلاح الدين حروبه كلّها، وهو الذي أشار بخراب عسقلان مصلحة للمسلمين. ومات فى أواخر ذى الحجّة.
وفيها توفّى عمر بن شاهنشاه بن أيّوب الملك المظفّر تقىّ الدين. قد ذكرنا من أمره: أنّ عمّه السلطان صلاح الدين كان أعطاه حماة، وعدّة بلاد من حماة إلى دياربكر، فطمع فى ملكة الشرق فنفرت عنه وعن عمّه صلاح الدين القلوب لعظم طمعهما. ووقع لتقىّ الدين هذا مع بكتمر [بن عبد الله «٣» مملوك شاه أرمن] صاحب خلاط وقائع وحروب، فمات تقىّ الدين بتلك البلاد، فكتم محمد ولده موته، وحمله