للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأمير المؤمنين، أما كان فينا مائة شاب كلهم مثلك يولي علينا أحدهم! ثم دخلوا معه. ولم يزل أهل مصر على الشنآن له والإعراض عنه والتكبر عليه حتى توفي يزيد ابن معاوية ودعا عبد الله بن الزبير الناس لبيعته وقامت أهل مصر بدعوته وسار منهم جماعة كثيرة إليه، فبعث عبد الله بن الزبير عبد الرحمن بن جحدم أميراً على مصر، واعتزل سعيد المذكور، فكانت ولايته سنتين إلا شهراً واحداً.

وقال صاحب كتاب «البغية والاغتباط فيمن ملك الفسطاط» : ولاه يزيد ابن معاوية على مصر «١» فقدمها في استهلال شهر رمضان سنة اثنتين وستين، فأقر عابساً على الشرطة؛ ثم ساق نحواً مما قلناه، إلى أن قال: وكانت مدّته على مصر سنتين وأشهرا.

قلت: وفي مدة هاتين السنتين وقع له حروب كثيرة شرقاً وغرباً، فأما من جهة الشرق فكانت الفتن ثائرة بين ابن الزبير وبين الأموية حتى قدم ابن جحدم إلى مصر وملكها منه ودعا بها لابن الزبير، هذا مع الفتن التي كانت ببلاد المغرب من خروج كسيلة البربري وتجرد بسببه غير مرة إلى برقة وغيرها.

وأمر كسيلة البربري: أنه كان أسلم لما ولي أبو المهاجر إفريقية وحسن إسلامه، فكان من أكابر البربر وصحب أبا المهاجر، فلما ولي عقبة بن نافع إفريقية عرفه أبو المهاجر محل كسيلة وأمره بحفظه، فلم يقبل واستخف به، وأتى عقبة بغنم فأمر كسيلة بذبحها وسلخها مع السلّاخين؛ فقال كسيلة: هؤلاء غلمانى يكفوننى المؤونة؛ فشتمه عقبة وأمره بسلخها ففعل؛ فنصح أبو المهاجر عقبة فلم يسمع؛ فقال: وإن كان لا بد فأوثقه فإني أخاف عليك منه فتهاون به عقبة فأضمر كسيلة