وأما كسيلة فاجتمع إليه جميع أهل إفريقية وقصد القيروان، وبها أصحاب الأثقال «١» والذراري من المسلمين، فطلبوا الأمان من كسيلة فآمنهم، ودخل القيروان واستولى على إفريقية وأقام بها من غير مدافع إلى أن قوي أمر عبد الملك بن مروان وندب زهيراً ثانية وأمده بالعساكر حتى استولى على إفريقية ودعا بها لعبد الملك ابن مروان. وكان زهير بن قيس المذكور في هذه المدة مرابطاً ببرقة ومن ولي من أمراء مصر يعضده إلى أن كان ما كان.
*** السنة الأولى من ولاية سعيد بن يزيد على مصر وهى سنة ثلاث وستين- فيها غزا عقبة بن نافع القيروان وسار حتى دخل السوس «٢» الأقصى وغنم وسلم ورد من القيروان، فلفيه كسيلة النصراني فدافعه عقبة بمن معه فاستشهد عقبة بن نافع المذكور في الوقعة وأبو المهاجر مولى الأنصار وعامة أصحابهما، ثم سار كسيلة فخرج لحربه زهير بن قيس البلوي خليفة عقبة على القيروان وواقعه، فانهزم زهير إلى برقة وأقام بها سنين إلى أن ندبه عبد الملك بن مروان لقتاله ثانياً، فتوجه إليه وواقعه، فقتل اللعين كسيلة وهزم جنوده وقتلت منهم مقتلة عظيمة، وقد مر ذلك كله في أول الترجمة مفصلاً. وفيها بعث سالم بن زياد بن أبيه طلحة بن عبد الله الخزاعي والياً على سجستان وأمره أن يفدي إخاه من الآسر ففداه بخمسمائة ألف وأقدمه على أخيه. وفيها كانت وقعة الحرة على باب طيبة، وهو أن يزيد بن معاوية بعث إليها جيشا عليهم مسلم بن عقبة حين خالفوا عليه وأمره بهتك حرمة المدينة،