وقال غيره: وكان مع فضله كثير العبادة تاليا للقرآن العزيز دينّا خيّرا، وكان السلطان صلاح الدين يقول: لا تظنّوا أنّى ملكت البلاد بسيوفكم، بل بقلم الفاضل. وكان بين الفاضل وبين الملك العادل أبى بكر بن أيّوب وحشة «١» ، فلمّا بلغ الفاضل مجىء العادل إلى مصر دعا الله على نفسه بالموت، فمات قبل دخوله.
وقيل: إنّ العادل كان داخلا من باب النصر، وجنازة الفاضل خارجة من باب زويلة «٢» . انتهى.
قلت: وفضل الفاضل وبلاغته وفصاحته أشهر من أن يذكر. ومن شعره:
قوله:
وإذا السعادة لاحظتك «٣» عيونها ... نم فالمخاوف كلّهنّ أمان
واصطد «٤» بها العنقاء فهى حبائل ... واقتد بها الجوزاء فهى عنان
وقد استشهد علماء البديع بكثير من شعره فى أنواع كثيرة، فممّا ذكره الشيخ تقىّ «٥» الدين أبو بكر [بن علىّ «٦» ] بن حجّة فى شرح بديعيّته فى نوع «تجاهل العارف» قوله من قصيدة:
أهذى كفّه أم غوث غيث ... ولا بلغ السحاب ولا كرامه
وهذا بشره أم لمع برق ... ومن للبرق فينا بالإقامه
وهذا الجيش أم صرف اللّيالى ... ولا سبقت حوادثها زحامه