دمشق فقسم أرضها على أمرائه وأولاده، وكان الحفّارون يحفرون الخندق ويقطعون الحجارة، فخرج من تحته خرزة بئر فيها ماء معين. قال: ودعا مرة فقال: اللهمّ حاسبنى حسابا يسيرا؛ فقال له رجل ماجن من خواصّة: يا مولانا، إنّ الله قد يسّر حسابك؛ قال: ويلك! وكيف ذلك؟ قال: إذا حاسبك قل له: المال كلّه فى قلعة جعبر لم أفرّط فيه فى قليل ولا كثير. وكانت خزائنه بالكرك ثمّ نقلها إلى قلعة جعبر وبها ولده الملك الحافظ، فسوّل له بعض أصحابه الطمع فيها، فأتاها الملك العادل ونقل ما فيها إلى قلعة دمشق، فحصلت فى قبضة ولده الملك المعظّم عيسى، فلم ينازعه فيها إخوته؛ وقيل: إنّ الذي سوّل للحافظ الطمع والعصيان هو المعظّم ففعل ذلك الحافظ، وكانت مكيدة من المعظّم حتّى رجع إليه المال» . انتهى كلام الموفّق باختصار.
وقال أبو المظفّر شمس الدين يوسف بن قزاوغلى فى تاريخه: «سألته عن مولده فقال: فتوح الرّها (يعنى سنة تسع وثلاثين وخمسمائة) - وهذا نقل آخر فى مولده- قال: وقد ذكرنا أحواله «١» فى السنين إلى أن استقرّ له الملك وامتدّ من بلاد الكرخ «٢» إلى همذان والجزيرة والشام ومصر والحجاز ومكّة والمدينة واليمن إلى حضر موت، وكان ثبتا خليقا بالملك حسن «٣» التدبير، حليما صفوحا مدبّرا للملك على وجه الرضا، عادلا مجاهدا دينا عفيفا متصدّقا، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، طهّر جميع ولاياته من الخمور والخواطىء والقمار والمكوس والمظالم. وكان الحاصل من هذه الجهات بدمشق على الخصوص مائة ألف دينار، فأبطل الجميع لله تعالى.