المال وفرّقه فى مماليك أبيك المعظّم والعوامّ معك، وتملّك البلد ويبقوا فى القلعة محصورين فما اتّفق ذلك؛ وأصبحوا يوم الجمعة فى القلعة فحضر من سمّينا [بالأمس «١» ] ، وذكروا الناصر والجواد- قلت: والناصر داود هو ابن المعظم عيسى، والجواد مظفّر الدين يونس هو ابن شمس الدين مودود بن العادل (أعنى هما أولاد عمّ) .
انتهى- قال: وكان أضرّ ما على الناصر عماد الدين ابن الشيخ، لأنّه كان يجرى فى مجالس الكامل مباحثات فيخطئه فيها ويستجهله فبقى فى قلبه، وكان أخوه فخر الدين يميل إلى الناصر؛ فأشار عماد الدين بالجواد، ووافقوا أمره، وأرسلوا الهيجاوىّ فى يوم الجمعة إلى الناصر، وهو فى دار أسامة، فدخل عليه وقال له: إيش قعودك فى بلد القوم؟ قم فاخرج، فقام وركب [وجميع من فى دمشق «٢» من دار أسامة إلى القلعة] وما شكّ أحد أنّ الناصر لمّا ركب من دار أسامة إلّا أنّه طالع إلى القلعة، فلمّا تعدّى مدرسة العماد الكاتب وخرج من باب الدّرب عرج إلى باب الفرج، فصاحت العامّة لا لا [لا «٣» ] ؛ وانقلبت دمشق وخرج الناصر من باب الفرج إلى القابون «٤» ، فوقع بهاء الدين بن ملكيشوا «٥» وغلمانه فى الناس بالدبابيس، فأنكوا فيهم فهربوا.
وأمّا الجواد فإنّه فتح الخزائن وأخرج المال وفرّق ستة آلاف ألف دينار، وخلع خمسة آلاف خلعة، وأبطل المكوس والخمور، ونفى الخواطىء. وأقام الناصر بالقابون أيّاما، فعزموا على قبضه، فرحل وبات بقصر «٦» أمّ حكيم، وخرج خلفه أيبك الأشرفىّ ليمسكه، وعرف عماد الدّين بن موسك فبعث إليه فى السرّ، فسار فى الليل إلى عجلون»